[ ص: 115 ] بسم الله الرحمن الرحيم 
مقدمة المصنف 
الحمد لله الذي سبق الأزمان وابتدعها  ، والأكوان واخترعها والجواهر وجمعها ، والأجسام وصنعها ، والسماء ورفعها ، والأنوار وشعشعها ، والشمس وأطلعها ، والمياه وأنبعها ، والأقوات وزرعها ، منع آلات الحس عن إدراكه وقطعها ، ووهب لنفس الآدمي نفائس المعارف وأقطعها وخصها دون الخلائق بمعان أودعها ، فعلمت أنها أين كانت وكيف كانت فهو معها . 
أحمده على نعم أكثرها وأوسعها ، وأشهد بوحدانيته من براهين أكدت ما أودعها إلى نفس تقر أنه يعلم مستقرها ومستودعها . 
وأصلي على رسوله محمد  أشرف من جاء بملة وشرعها ، وألطف من ضاقت حاله على أمته فوسعها ، وعلى أصحابه وأتباعه إلى أن تسكن كل نفس من الجنة والنار موضعها ، أما بعد: 
فإني رأيت النفوس تشرئب إلى معرفة بدايات الأشياء ، وتحب سماع أخبار الأنبياء ، وتحن إلى مطالعة سير الملوك والحكماء ، وترتاح إلى ذكر ما جرى للقدماء . 
ورأيت المؤرخين يختلف مقادهم في هذه الأنباء ، فمنهم من يقتصر على ذكر الأنبياء الابتداء ، ومنهم من يقتصر على ذكر الملوك والخلفاء ، وأهل الأثر يؤثرون ذكر العلماء ، والزهاد يحبون أحاديث الصلحاء ، وأرباب الأرب يميلون إلى أهل الأدب والشعراء . ومعلوم أن الكل مطلوب ، والمحذوف من ذلك مرغوب ، فأتيتك بهذا الكتاب الجامع لغرض كل سامع ، يحوي عيون المراد من جميع ذلك ، والله المرشد إلى أصوب المسالك .  [ ص: 116 ] 

 
				
 
						 
						

 
					 
					