[ ص: 364 ] ذكر تسليم  الأشرف  خلاط  إلى أخيه   شهاب الدين غازي   
أواخر هذه السنة أقطع   الملك الأشرف موسى بن العادل  مدينة خلاط  وجميع الأعمال : أرمينية  ، ومدينة ميافارقين  من ديار بكر ، ومدينة حاني  ، أخاه ،   شهاب الدين غازي بن العادل  ، وأخذ منه ، مدينة الرها  ، ومدينة سروج  من بلاد الجزيرة  ، وسيره إلى خلاط  أول سنة ثماني عشرة وستمائة . 
وسبب ذلك أن الكرج  لما قصد التتر  بلادهم وهزموهم ، ونهبوها ، وقتلوا كثيرا من أهلها ، أرسلوا إلى  أوزبك  ، صاحب أذربيجان  وأران  ، يطلبون منه المهادنة والموافقة على دفع التتر  ، وأرسلوا إلى   الملك الأشرف  في هذا المعنى ، وقالوا للجميع : إن لم توافقونا على قتال هؤلاء القوم ودفعهم عن بلادنا ، وتحضروا بنفوسكم وعساكركم لهذا المهم ، وإلا صالحناهم عليكم 
فوصلت رسلهم إلى  الأشرف  ، وهو يتجهز إلى الديار المصرية    : لأجل الفرنج ، وكانوا عنده أهم الوجوه ، لأسباب : أولها أن الفرنج كانوا قد ملكوا دمياط  ، وقد أشرفت الديار المصرية  على أن تملك ، فلو ملكوها لم يبق بالشام  ولا غيره معهم ملك لأحد . 
وثانيها أن الفرنج أشد شكيمة ، وطالبوا ملك ، فإذا ملكوا قرية لا يفارقونها إلا بعد أن يعجزوا عن حفظها يوما واحدا . 
 [ ص: 365 ] وثالثها أن الفرنج قد طمعوا في كرسي مملكة البيت العادلي ، وهي مصر  ، والتتر  لم يصلوا إليها ، ولم يجاوزوا شيئا من بلادهم ، وليسوا أيضا ممن يريد المنازعة في الملك ، وما غرضهم إلا النهب ، والقتل ، وتخريب البلاد ، والانتقال من بلد إلى آخر . 
فلما أتاه رسل الكرج  بما ذكرناه ، أجابهم ، يعتذر بالمسير إلى مصر  لدفع الفرنج ، ويقول لهم : إنني قد أقطعت ولاية خلاط  لأخي ، وسيرته إليها ليكون بالقرب منكم ، وتركت عنده العساكر ، فمتى احتجتم إلى نصرته حضر لدفع التتر    ; وسار هو إلى مصر  كما ذكرناه . 


						
						
