571 - محمد بن يعقوب   
ومنهم العارف بالأصول ، العازف عن الفضول ، له القلب الخاشع ، والأذن السامع ، أحكم علم الآثار وأتقنها ، وألف في المعاملات والأحوال وأوضحها - أبو جعفر محمد بن يعقوب بن الفرجي    . 
صحب  الحارث بن أسد المحاسبي  وطبقته ، له مصنفات في معاني الصوفية : ( كتاب الورع ) ( وكتاب صفات المريدين ) ، كان من الأئمة في علوم النساك ، يرفع من الفقراء وينصرهم ، ويضع من المدعين ويزري عليهم . 
كتب إلي جعفر بن محمد بن نصير  فيما أذن لي ، قال : سمعت المرتعش  ، يقول :   [ ص: 288 ] قال أبو جعفر بن الفرجي    : " مكثت عشرين سنة لا أسأل عن مسألة ، إلا ومنازلتي فيها قبل قولي ، وقال : إذا صح الود سقطت شروط الأدب    "   . 
وحكى عبد المنعم بن عمر  ، عن  أبي سعيد ابن الأعرابي    : أنه قيل لأبي جعفر بن الفرجي    : إنك تنكر الزعقة والصيحة  ، فقال : " إنما أنكرها على الكذابين ، وقال : ما زعقت من عمري إلا ثلاث زعقات : فإني انتهيت ببغداد  يوما إلى الجسر ، وأخرج رجل من الشطاحين من السجن يضرب ، ثم رد إلى السجن ، والناس يتعجبون من صبره على الجلد فجئت إليه ، فقلت : مسألة ، فقال : أوسعوا له ما مسألتك ؟ قلت : أسهل ما يكون الضرب عليكم أي وقت ؟ قال : إذا كان من ضربنا له يرانا ، قال : فصحت ولم أملك السكوت "   . 
قال  أبو سعيد ابن الأعرابي    : أخبرني عمي يحيى بن أحمد  قال : أخبرني ابن المرزبان الصيقل  قال : " أردت الخروج إلى مكة  فرافق الجمال بيني وبين إنسان لا أعرفه ، فقلت له بعد أن رافقني : نحتاج من الزاد كذا وكذا ، ومن الزيت كذا وكذا ، فقال : قد اشتريت جميع ذلك فلا تشتر شيئا وظننت أنه يحاسبني عليه كما يفعل الرفقاء وكان في الطريق يسرف ويوسع النفقة فأقول في نفسي كل هذا يحاسبني به  ، فكنت أحتشمه أن أقول له : أقصر ، وأحتمله ، فلما صرت بمكة  عزم على المقام بمكة  ، فقلت له : الحساب ، فقال : سبحان الله تذكر مثل هذا ؟ وأقبل ينكر علي ذلك ، فقلت : لا بد منه ، فأبى ذلك ، وقال : من يفعل ذلك ؟ فسألت عنه ، فإذا هو الفرجي    "   . 
وروي عن أبي جعفر محمد بن الفرجي  قال : " خرجت من الشام  على طريق المفازة فوقعت في التيه فمكثت فيه أياما حتى أشرفت على الموت ، قال : فبينا أنا كذلك إذا أنا براهبين يسيران كأنهما خرجا من مكان قريب يريدان ديرا لهما قريبا ، فقمت إليهما فقلت : أين تريدان ؟ قالا : لا ندري ، قلت : أتدريان أين أنتما ؟ قالا : نعم نحن في ملكه ومملكته وبين يديه ، فأقبلت على نفسي أوبخها وأقول لها : راهبان يتحققان بالتوكل دونك ، فقلت لهما : أتأذنان في الصحبة ؟ قالا : ذلك إليك ، فاتبعتهما ، فلما جن الليل قاما إلى صلاتهما وقمت إلى صلاتي ، فصليت المغرب بتيمم ، فنظرا إلي وقد تيممت ، فضحكا مني فلما   [ ص: 289 ] فرغا من صلاتهما بحث أحدهما الأرض بيده فإذا بماء قد ظهر وطعام موضوع فبقيت أتعجب من ذلك فقالا : ما لك ؟ ادن فكل واشرب ، فأكلنا وشربنا وتهيأت للصلاة ، ثم نضب الماء فذهب فلم يزالا في الصلاة ، وأنا أصلي على حدة حتى أصبحنا وصلينا الصبح ، ثم أخذنا في المسير فمكثنا على ذلك إلى الليل فلما جننا الليل تقدم الآخر فصلى بصاحبه ثم دعا بدعوات وبحث الأرض بيده فنبع الماء وحضر الطعام ، فلما كانت الليلة الثالثة قالا : يا مسلم هذه نوبتك الليلة فاستخر الله قال : فتعبت فيها واستحيت ودخل بعضي في بعض ، قال : فقلت : اللهم إني أعلم أن ذنوبي لم تدع لي عندك جاها ولكن أسألك ألا تفضحني عندهما ولا تشمتهما بنبينا محمد  صلى الله عليه وسلم وبأمة نبيك ، فإذا بعين خرارة وطعام كثير فأكلنا من ذلك الطعام وشربنا ، ولم نزل كذلك حتى بلغتني النوبة الثانية ففعلت كذلك فإذا بطعام اثنين وشراب فكففت يدي وأريهما أني آكل ولم آكل فسكتا عني ، فلما كانت النوبة الثالثة أصابني كذلك فقالا لي : يا مسلم ، ما هذا ؟ قلت : لا أدري ، فلما كان في جوف الليل غلبتني عيناي فإذا بقائل يقول : يا محمد  أردنا بك الإيثار الذي اختصصنا به محمدا  صلى الله عليه وسلم  من بين الأنبياء والرسل فهي علامته وكرامته وكرامة أمته من بعده إلى يوم القيامة ، قال : فبلغت نوبتي وكان الأمر على هذه الصورة ، فقالا لي : يا مسلم ، ما هذا ؟ ما لنا نرى طعامك ناقصا ؟ قلت : أولا تعلمان ما هذا ؟ قالا : لا ، قلت : هذا خلق خص الله به نبينا محمدا  صلى الله عليه وسلم وخص به أمته ، إن الله عز وجل يريد به الإيثار فقد آثرتكما ، قال : فقالا : نحن نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا  رسول الله ، لقد صدقت قولك ، هذا خبر نجده في كتبنا خص الله به محمدا  صلى الله عليه وسلم وأمته فأسلما ، فقلت لهما في الجمعة والجماعة قالا : ذلك الواجب ؟ قلت : نعم ، قالا : فاسأل الله أن يخرجنا من هذا التيه إلى أقرب الأماكن من الشام  ، قال : فبينا نحن نسير إذ أشرفنا على بيوتات بيت المقدس    "   . 
ومما أسند : حدثنا سليمان بن أحمد  ، ثنا محمد بن يعقوب بن الفرجي الرملي  ، ثنا إبراهيم بن المنذر المجذمي  ، ثنا  عبد الله بن وهب  ، ثنا قرة بن عبد الرحمن  ، عن  يزيد   [ ص: 290 ] بن أبي حبيب  ، عن  الزهري  ، عن  عروة بن الزبير  ، عن  أبي حميد الساعدي  قال : استسلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل تمرا فلما جاءه يتقاضاه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس عندنا اليوم ، فإن شئت أخرت عنا حتى يأتينا فنقضيك ، فقال الرجل : واعذراه فتذمر عمر  ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعه يا عمر  فإن لصاحب الحق مقالا  انطلقوا إلى  خولة بنت حكيم الأنصارية  فالتمسوا لنا عندها تمرا ، فانطلقوا فقالت : والله ما عندي إلا تمر ذخيرة فأخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : خذوه فاقضوه ، فلما قضوه أقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : قد استوفيت ؟ قال : نعم قد أوفيت وأطبت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن خيار عباد الله الموفون المطيبون  ، قال سليمان    : تفرد به قرة  ، عن يزيد    . 
حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم  ، ومحمد بن أحمد بن شبويه  ، قالا : ثنا أبو عمرو أحمد بن محمد بن إبراهيم بن حكيم  ، ثنا محمد بن يعقوب الفرجي  ، ثنا محمد بن عبد الملك بن قريب الأحمر  ، قال : حدثني أبي ، ثنا أبو معشر  ، عن سعد المقبري  ، عن  أبي هريرة  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " سرعة المشي تذهب بهاء المؤمنين    " . 
أخبرنا أبو مسعود محمد بن إبراهيم بن عيسى المقدسي  في كتابه ، ثنا محمد بن يعقوب الفرجي  ، ثنا خالد بن يزيد  ، ثنا أبو جعفر الرازي  ، عن  الربيع بن أنس  ، عن  أنس بن مالك  ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع    " . 
حدثنا عبد المنعم بن عمر  ، ثنا  أبو سعيد الأعرابي  ، ثنا محمد بن يعقوب الفرجي  ، ثنا  علي بن المديني  ، ثنا المعتمر بن سليمان  ، عن  سفيان الثوري  ، عن أبي سلمة  ، عن  الربيع بن أنس  ، عن أبي العالية  ، عن  أبي بن كعب  ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " بشر أمتي بالسناء والرفعة والتمكين ، وأن من عمل عمل الآخرة يريد به الدنيا  فليس له في الآخرة من نصيب   " . 
حدثنا محمد بن إبراهيم  ، ثنا أحمد بن عمرو بن جابر  ، ثنا محمد بن يعقوب   [ ص: 291 ] الفرجي  ، ثنا  أحمد بن عيسى أبو طاهر  ، ثنا  ابن أبي فديك  ، ثنا  ابن أبي ذئب  ، عن  الزهري  ، عن أنس    " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة  وعلى رأسه المغفر    " . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					