( حدثنا  عبد الله بن الصباح ) بتشديد الموحدة ( الهاشمي البصري     ) بكسر الموحدة وفتحها ، ( حدثنا  عبد الأعلى  عن  معمر  ، عن   هشام بن عروة  ، عن أبيه عن   عمر بن أبي سلمة     ) اسمه  عبد الله بن عبد الأسد     ( أنه ) أي  عمر  وهو ربيب النبي صلى الله عليه وسلم ( دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده ) أي عند رسول الله ( طعام فقال : ادن ) بضم الهمزة والنون ، أمر من الدنو ، أي اقرب إلي وإلى الطعام ، ( يا بني ) بصيغة التصغير شفقة واهتماما بحاله ، وهو بفتح التحتية وكسرها ( فسم الله تعالى ) أمر ندب اتفاقا ، قال  ابن حجر     : ويسن للمبسمل الجهر ليسمع من عنده ، انتهى .  
وكونه سنة يحتاج إلى دليل صريح ، ولعله مبني على مذهبهم من أن التسمية سنة كفاية ، نعم يستحب جهرها ليشرد الشيطان عنه ; وليتذكر بها رفيقه ، إن كان هناك أحد ( وكل بيمينك ) قال  ميرك     : ذهب جمهور العلماء إلى أن الأوامر الثلاثة ، في هذا الحديث للندب ، وذهب بعض العلماء إلى أن الأمر  بالأكل باليمين   على الوجوب ، ويؤيده ورود الوعيد في  الأكل بالشمال   ، كما في صحيح  مسلم  من حديث   سلمة بن الأكوع  ، أن النبي صلى الله عليه وسلم  رأى رجلا يأكل بشماله ، فقال : كل بيمينك ، قال : لا أستطيع ، فقال : لا استطعت فما رفعها إلى فيه بعد  ، وأخرج   الطبراني  أن النبي صلى الله عليه وسلم  رأى  سبيعة الأسلمية  تأكل بشمالها ، فدعا عليها ، فأصابها الطاعون فماتت  ، وحمله الجمهور      [ ص: 289 ] على الزجر والسياسة ، انتهى .  
وورد  لا تأكلوا بالشمال ، فإن الشيطان يأكل بالشمال  ، رواه   ابن ماجه  عن  جابر     .  
وورد  إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه ، وليشرب بيمينه ، وليأخذ بيمينه ، وليعط بيمينه ، فإن الشيطان يأكل بشماله ، ويشرب بشماله ، ويعطي بشماله ، ويأخذ بشماله  ، رواه   الحسن بن سفيان  في مسنده عن   أبي هريرة  ، والظاهر أنه نهى عن التشبه بالشيطان ، فيفيد الاستحباب ( وكل مما يليك ) أي ندبا على الأصح ، وقيل : وجوبا لما فيه من إلحاق الضرر بالغير ، ومزيد شره .  
قال  ابن حجر     : وانتصر له  السبكي  ، ونص عليه   الشافعي  في الرسالة ، ومواضع من الأم ، وفي مختصر البويطي ، أنه يحرم  الأكل من رأس الثريد   ،  والقران في التمر   ، والأصح أنهما مكروهان ، ومحل ذلك إن لم يعلم رضا من يأكل معه ، وإلا فلا حرمة ولا كراهة ، لما مر أنه صلى الله عليه وسلم كان يتتبع الدباء من حوالي القصعة ، والجواب بأنه كان يأكل وحده مردود ، بأن  أنسا  كان يأكل معه ، على أن قضية كلام أصحابنا أن الأكل مما يلي الآكل سنة ، وإن كان وحده ، انتهى .  
فالأولى أن يحمل التتبع المذكور من حوالي القصعة على تدويرها إلى ما يليه ، ثم أكله منه مع احتمال أن هذا التفصيل صدر منه صلى الله عليه وسلم بعد فراغ  أنس  من الأكل ، أو المراد من التتبع بيمينه وشماله ، مما يليه بعد الفراغ ما بين يديه ، ولم يكن أحد في جانبيه ، وهذا أظهر ، والله أعلم .  
قال : وفي خبر ضعيف التفصيل بين ما إذا كان الطعام لونا واحدا ، فلا يتعدى الآكل مما يليه ، وأما إذا كان أكثر فيتعداه ، نعم في الفاكهة مما لا يقذر في الأكل من غير ما يلي الآكل ، لا كراهة فيه ; لأنه لا ضرر في ذلك ، ولا تقذر ، وبحث بعضهم التعميم غفلة عن المعنى والسنة ، انتهى .  
وفيه أنه لا بد من مراعاة الجمع بين المعنى والسنة ، ولم يثبت المخصص فلا ينبغي التعميم في الفاكهة أيضا ، بل يحمل على ما إذا لم يكن عنده مما يكون عند غيره ، ومع هذا لا يخفى ما فيه من الشره ، والتطلع إلى ما عند غيره ، وترك الإيثار الذي هو اختيار الأبرار .  

 
				
 
						 
						

 
					 
					