[ ص: 5 ] بسم الله الرحمن الرحيم 
سورة الأعراف  
هذا هو الاسم الذي عرفت به هذه السورة ، من عهد النبيء - صلى الله عليه وسلم . أخرج  النسائي ،  من حديث أبي مليكة ،  عن عروة بن زيد بن ثابت    : أنه قال  لمروان بن الحكم    : " ما لي أراك تقرأ في المغرب بقصار السور وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ فيها بأطول الطوليين . " قال مروان  قلت : " يا أبا عبد الله  ما أطول الطوليين " ، قال : " الأعراف   " . وكذلك حديث  أم سلمة    - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في المغرب بطولى الطوليين   . والمراد بالطوليين سورة الأعراف وسورة الأنعام فإن سورة الأعراف أطول من سورة الأنعام ، باعتبار عدد الآيات . ويفسر ذلك حديث عائشة    - رضي الله عنها : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ في صلاة المغرب بسورة الأعراف فرقها في ركعتين   . 
ووجه تسميتها أنها ذكر في لفظ الأعراف بقوله تعالى وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال  الآية . ولم يذكر في غيرها من سور القرآن ، ولأنها ذكر فيها شأن أهل الأعراف في الآخرة ، ولم يذكر في غيرها من السور بهذا اللفظ ، ولكنه ذكر بلفظ سور في قوله : فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب  في سورة الحديد . 
وربما تدعى بأسماء الحروف المقطعة التي في أولها وهي : " ألف - لام - ميم - صاد " أخرج  النسائي  من حديث أبي الأسود ،  عن عروة ،  عن  زيد بن ثابت    : أنه قال لمروان    : لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بأطول الطوليين : " ألف - لام - ميم - صاد   " . وهو يجيء   [ ص: 6 ] على القول بأن الحروف المقطعة التي في أوائل بعض السور هي أسماء للسور الواقعة فيها ، وهو ضعيف ، فلا يكون المص  اسما للسورة ، وإطلاقه عليها إنما هو على تقدير التعريف بالإضافة إلى السورة ذات ( المص ) ، وكذلك سماها الشيخ ابن أبي زيد  في الرسالة في باب سجود القرآن ولم يعدوا هذه السورة في السور ذات ( المص    ) في الأسماء المتعددة . وأما ما في حديث زيد  من أنها طولى الطوليين فعلى إرادة الوصف دون التلقيب . وذكر الفيروزأبادي  في بصائر ذوي التمييز أن هذه السورة تسمى سورة الميقات لاشتمالها على ذكر ميقات موسى  في قوله : ولما جاء موسى لميقاتنا    . وأنها تسمى سورة الميثاق لاشتمالها على حديث الميثاق في قوله : ألست بربكم قالوا بلى    . ولم أقف على هاتين التسميتين في كلام غيره 
وهي مكية بلا خلاف . ثم قيل جميعها مكي ، وهو ظاهر رواية مجاهد   وعطاء الخراساني  عن  ابن عباس ،  وكذلك نقل عن ابن الزبير ،  وقيل نزل بعضها في المدينة ،  قال قتادة  آية : واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر  نزلت بالمدينة ،  وقال مقاتل  من قوله : واسألهم عن القرية    - إلى قوله - وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم  نزلت بالمدينة ،  فإذا صح هذا احتمل أن تكون السورة بمكة  ثم ألحق بها الآيتان المذكورتان ، واحتمل أنها نزلت بمكة  وأكمل منها بقيتها تانك الآيتان . 
ولم أقف على ما يضبط به تاريخ نزولها ، وعن  جابر بن زيد  أنها نزلت بعد سورة " ص " قبل سورة قل أوحي ، وظاهر حديث  ابن عباس  في صحيح  البخاري  أن سورة " قل أوحي    " أنزلت في أول الإسلام حين   [ ص: 7 ] ظهور دعوة محمد    - صلى الله عليه وسلم ، وذلك في أيام الحج ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - متوجه بأصحابه إلى سوقعكاظ ،  فلعل ذلك في السنة الثانية من البعثة ، ولا أحسب أن سورة الأعراف قد نزلت في تلك المدة لأن السور الطوال يظهر أنها لم تنزل في أول البعثة . 
وهي من السبع الطوال التي جعلت في أول القرآن لطولها وهي سور : البقرة وآل عمران ، والنساء والمائدة ، والأنعام والأعراف ، وبراءة ، وقدم المدني منها وهي سور : البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ; ثم ذكر المكي وهو : الأنعام والأعراف على ترتيب المصحف العثماني اعتبارا بأن سورة الأنعام أنزلت بمكة  بعد سورة الأعراف فهي أقرب إلى المدني من السور الطوال . 
وهي معدودة التاسعة والثلاثين في ترتيب نزول السور عند  جابر بن زيد  عن  ابن عباس ،  نزلت بعد سورة " ص " وقبل سورة الجن ، كما تقدم ، قالوا جعلها  ابن مسعود  في مصحفه عقب سورة البقرة وجعل بعدها سورة النساء ، ثم آل عمران ، ووقع في مصحف أبي بعد آل عمران الأنعام ثم الأعراف . وسورة النساء هي التي تلي سورة البقرة في الطول وسورة الأعراف تلي سورة النساء في الطول . 
وعد آي سورة الأعراف مائتان وست آيات في عد أهل المدينة  والكوفة ،  ومائتان وخمس في عد أهل الشام  والبصرة ،  قال في الإتقان قيل مائتان وسبع . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					