[ ص: 222 ]  [ ص: 223 ]  [ ص: 224 ]  [ ص: 225 ] تفسير السورة التي يذكر فيها هود 
بسم الله الرحمن الرحيم 
القول في تأويل قوله تعالى : ( الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير    ( 1 ) ) 
قال أبو جعفر   : قد ذكرنا اختلاف أهل التأويل في تأويل قوله : ( الر ) ، والصواب من القول في ذلك عندنا بشواهده ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . 
وقوله : ( كتاب أحكمت آياته   ) ، يعني : هذا الكتاب الذي أنزله الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو القرآن . 
ورفع قوله : " كتاب " بنية : " هذا كتاب " . 
فأما على قول من زعم أن قوله : ( الر ) ، مراد به سائر حروف المعجم التي نزل بها القرآن ، وجعلت هذه الحروف دلالة على جميعها ، وأن معنى الكلام : " هذه الحروف كتاب أحكمت آياته " فإن الكتاب على قوله ، ينبغي أن يكون مرفوعا بقوله : ( الر ) . 
وأما قوله : ( أحكمت آياته ثم فصلت   ) ، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله ، فقال بعضهم : تأويله : أحكمت آياته بالأمر والنهي ، ثم فصلت بالثواب والعقاب . 
ذكر من قال ذلك : 
17915 - حدثني يعقوب بن إبراهيم  قال : حدثنا هشيم  قال : أخبرني  [ ص: 226 ] أبو محمد الثقفي  عن الحسن  في قوله : ( كتاب أحكمت آياته ثم فصلت   ) ، قال : أحكمت بالأمر والنهي ، وفصلت بالثواب والعقاب . 
17916 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا عبد الكريم بن محمد الجرجاني  عن أبي بكر الهذلي  عن الحسن   : ( الر كتاب أحكمت آياته   ) ، قال : أحكمت في الأمر والنهي ، وفصلت بالوعيد . 
17917 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق  قال : حدثنا عبد الله بن الزبير  عن ابن عيينة  عن رجل ، عن الحسن   : ( الر كتاب أحكمت آياته   ) ، قال : بالأمر والنهي ( ثم فصلت   ) ، قال : بالثواب والعقاب . 
وروي عن الحسن قول خلاف هذا . وذلك ما : 
17918 - حدثنا القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال : حدثني حجاج  عن  ابن جريج  عن أبي بكر  عن الحسن  قال وحدثنا عباد بن العوام  عن رجل ، عن الحسن  قال : ( أحكمت ) ، بالثواب والعقاب ( ثم فصلت   ) ، بالأمر والنهي . 
وقال آخرون : معنى ذلك : ( أحكمت آياته ) من الباطل ، ثم فصلت ، فبين منها الحلال والحرام . 
ذكر من قال ذلك : 
17919 - حدثنا بشر  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد  عن قتادة  قوله : ( الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير   ) ، أحكمها الله من الباطل ، ثم فصلها بعلمه ، فبين حلاله وحرامه ، وطاعته ومعصيته .  [ ص: 227 ] 
17920 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى  قال : حدثنا محمد بن ثور  عن معمر  عن قتادة   : ( أحكمت آياته ثم فصلت   ) ، قال : أحكمها الله من الباطل ، ثم فصلها ، بينها . 
قال أبو جعفر   : وأولى القولين في ذلك بالصواب ، قول من قال : معناه : أحكم الله آياته من الدخل والخلل والباطل ، ثم فصلها بالأمر والنهي . 
وذلك أن " إحكام الشيء " إصلاحه وإتقانه و " إحكام آيات القرآن   " ، إحكامها من خلل يكون فيها ، أو باطل يقدر ذو زيغ أن يطعن فيها من قبله . 
وأما " تفصيل آياته " فإنه تمييز بعضها من بعض ، بالبيان عما فيها من حلال وحرام ، وأمر ونهي . 
وكان بعض المفسرين يفسر قوله : ( فصلت ) ، بمعنى : فسرت ، وذلك نحو الذي قلنا فيه من القول . 
ذكر من قال ذلك : 
17921 - حدثني محمد بن عمرو  قال : حدثنا أبو عاصم  قال : حدثنا عيسى  قال : حدثنا ابن أبي نجيح  عن مجاهد  في قول الله : ( ثم فصلت   ) ، قال : فسرت . 
17922 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا ابن نمير  عن ورقاء  عن ابن أبي نجيح  عن مجاهد :   ( فصلت ) ، قال : فسرت . 
17923 - . . . . قال : حدثنا  محمد بن بكر  عن  ابن جريج  قال : بلغني عن مجاهد :   ( ثم فصلت   ) ، قال : فسرت . 
17924 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة  قال : حدثنا شبل  عن ابن أبي نجيح  عن مجاهد  مثله .  [ ص: 228 ] 
17925 - . . . . قال : حدثنا إسحاق  قال : حدثنا عبد الله  عن ورقاء  عن ابن أبي نجيح  عن مجاهد  مثله . 
17926 - حدثنا القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال : حدثني حجاج  عن  ابن جريج  عن مجاهد  مثله . 
وقال قتادة   : معناه : بينت ، وقد ذكرنا الرواية بذلك قبل ، وهو شبيه المعنى بقول مجاهد .  
وأما قوله : ( من لدن حكيم خبير   ) ، فإن معناه : ( حكيم ) بتدبير الأشياء وتقديرها ، خبير بما تئول إليه عواقبها . 
17927 - حدثنا بشر  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد  عن قتادة  في قوله : ( من لدن حكيم خبير   ) ، يقول : من عند حكيم خبير . 


						
						
