( وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل    ( 66 ) لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون   ( 67 ) وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين   ( 68 ) ) 
( وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون   ( 69 ) ) 
يقول تعالى : ( وكذب به ) أي : بالقرآن الذي جئتهم به ، والهدى والبيان . ) قومك ) يعني : قريشا   ) وهو الحق ) أي : الذي ليس وراءه حق ( قل لست عليكم بوكيل   ) أي : لست عليكم بحفيظ ، ولست بموكل بكم ، كقوله ( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر   ) [ الكهف : 29 ] أي : إنما علي البلاغ ، وعليكم السمع والطاعة ، فمن اتبعني ، سعد في الدنيا والآخرة ، ومن خالفني ، فقد شقي في الدنيا والآخرة ; ولهذا قال : ( لكل نبإ مستقر   ) 
قال ابن عباس  وغير واحد : أي لكل نبأ حقيقة ، أي : لكل خبر وقوع ، ولو بعد حين ، كما قال :  [ ص: 278 ]  ( ولتعلمن نبأه بعد حين   ) [ ص : 88 ] ، وقال ( لكل أجل كتاب   ) [ الرعد : 37 ] . 
وهذا تهديد ووعيد أكيد ; ولهذا قال بعده : ( وسوف تعلمون   ) 
ثم قال : ( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا   ) أي : بالتكذيب والاستهزاء ( فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره   ) أي : حتى يأخذوا في كلام آخر غير ما كانوا فيه من التكذيب ( وإما ينسينك الشيطان   ) والمراد بهذا كل فرد ، فرد من آحاد الأمة ، ألا يجلس مع المكذبين الذين يحرفون آيات الله ويضعونها على غير مواضعها ، فإن جلس أحد معهم ناسيا ( فلا تقعد بعد الذكرى   ) بعد التذكر ( مع القوم الظالمين   ) 
ولهذا ورد في الحديث : " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه  " 
وقال  السدي  ، عن أبي مالك   وسعيد بن جبير  في قوله : ( وإما ينسينك الشيطان   ) قال : إن نسيت فذكرت ، فلا تجلس معهم . وكذا قال مقاتل بن حيان   . 
وهذه الآية هي المشار إليها في قوله : ( وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم   ) الآية [ النساء : 140 ] أي : إنكم إذا جلستم معهم وأقررتموهم على ذلك ، فقد ساويتموهم في الذي هم فيه . 
وقوله : ( وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء   ) أي : إذا تجنبوهم فلم يجلسوا معهم في ذلك ، فقد برئوا من عهدتهم ، وتخلصوا من إثمهم . 
قال ابن أبي حاتم   : حدثنا أبو سعيد الأشج  ، حدثنا  عبيد الله بن موسى  ، عن إسرائيل  ، عن  السدي  ، عن أبي مالك   وسعيد بن جبير  ، قوله : ( وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء   ) قال : ما عليك أن يخوضوا في آيات الله إذا فعلت ذلك ، أي : إذا تجنبتهم وأعرضت عنهم . 
وقال آخرون : بل معناه : وإن جلسوا معهم ، فليس عليهم من حسابهم من شيء . وزعموا أن هذا منسوخ بآية النساء المدنية ، وهي قوله : ( إنكم إذا مثلهم   ) [ النساء : 140 ] . قاله مجاهد   والسدي   وابن جريج  ، وغيرهم . وعلى قولهم ، يكون قوله : ( ولكن ذكرى لعلهم يتقون   ) أي : ولكن أمرناكم بالإعراض عنهم حينئذ تذكيرا لهم عما هم فيه ; لعلهم يتقون ذلك ، ولا يعودون إليه . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					