خيركم من تعلم القرآن وعلمه 
حدثنا حجاج بن منهال  ، حدثنا شعبة  ، أخبرني علقمة بن مرثد  ، سمعت سعد بن عبيدة  ، عن أبي عبد الرحمن  ، عن  عثمان بن عفان  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خيركم من تعلم القرآن وعلمه   . وأقرأ أبو عبد الرحمن  في إمرة عثمان   - رضي الله عنه - حتى كان الحجاج  قال : 
وذاك الذي أقعدني مقعدي هذا . 
وقد أخرج الجماعة هذا الحديث سوى مسلم  من رواية شعبة  عن علقمة بن مرثد  عن سعد بن عبيدة  عن  أبي عبد الرحمن وهو عبد الله بن حبيب السلمي  رحمه الله . 
وحدثنا أبو نعيم  ، حدثنا سفيان  ، عن علقمة بن مرثد  ، عن  أبي عبد الرحمن السلمي  ، عن  عثمان بن عفان  قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه  . 
وهكذا رواه الترمذي   والنسائي   وابن ماجه  من طرق عن سفيان  ، عن علقمة  ، عن أبي عبد الرحمن  ، من غير ذكر سعد بن عبيدة  كما رواه شعبة  ولم يختلف عليه فيه ، وهذا المقام مما حكم  لسفيان الثوري  فيه على شعبة  ، وخطأ بندار  يحيى بن سعيد  في روايته ذلك عن سفيان  ، عن علقمة  ، عن سعد بن عبيدة  ، عن أبي عبد الرحمن  وقال : رواه الجماعة من أصحاب سفيان  عنه بإسقاط سعد بن عبيدة  ، ورواية سفيان  أصح في هذا المقام المتعلق بصناعة الإسناد ، وفي ذكره طول لولا الملالة لذكرناه ، وفيما ذكر كفاية وإرشاد إلى ما ترك ، والله أعلم . 
والغرض أنه - عليه الصلاة والسلام - قال : خيركم من تعلم القرآن وعلمه وهذه من صفات المؤمنين المتبعين للرسل ، وهم الكمل في أنفسهم ، المكملون لغيرهم ، وذلك جمع بين النفع القاصر والمتعدي ، وهذا بخلاف صفة الكفار الجبارين الذين لا ينفعون ، ولا يتركون أحدا ممن أمكنهم أن ينتفع ، كما قال تعالى : ( الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب   ) [ النحل : 88 ] ، وكما قال تعالى : ( وهم ينهون عنه وينأون عنه   ) [ الأنعام : 26 ] ، في أصح قولي المفسرين في هذا ، وهو أنهم ينهون الناس عن اتباع القرآن مع نأيهم وبعدهم عنه ، فجمعوا بين التكذيب والصد ، كما قال تعالى : ( فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها   ) [ الأنعام : 157 ] ، فهذا شأن الكفار ، كما أن شأن خيار الأبرار أن يكمل في نفسه وأن يسعى في تكميل غيره كما قال عليه السلام : خيركم من تعلم القرآن وعلمه ، وكما قال [ الله ] تعالى : ( ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين   ) [ فصلت : 33 ] ،  [ ص: 68 ] فجمع بين الدعوة إلى الله سواء كان بالأذان أو بغيره من أنواع الدعوة من تعليم القرآن والحديث والفقه وغير ذلك ، مما يبتغى به وجه الله ، وعمل هو في نفسه صالحا ، وقال قولا صالحا ، فلا أحد أحسن حالا من هذا . وقد كان  أبو عبد الرحمن السلمي الكوفي   - أحد أئمة الإسلام ومشايخهم - ممن رغب في هذا المقام ، فقعد يعلم الناس في إمارة عثمان  إلى أيام الحجاج  قالوا : وكان مقدار ذلك الذي مكث فيه يعلم القرآن سبعين سنة ، رحمه الله ، وآتاه الله ما طلبه ودامه . آمين . 
قال  البخاري  ، رحمه الله : حدثنا  عمرو بن عون  ، حدثنا حماد  عن أبي حازم  ، عن سهل بن سعد  قال : أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت : إنها قد وهبت نفسها لله ورسوله ، فقال : ما لي في النساء من حاجة . فقال رجل : زوجنيها قال : [ أعطها ثوبا ، قال : لا أجد ، قال : أعطها ولو خاتما من حديد ، فاعتل له ، فقال ] ما معك من القرآن . قال : كذا وكذا . فقال : قد زوجتكها بما معك من القرآن   . 
وهذا الحديث متفق على إخراجه من طرق عديدة ، والغرض منه أن الذي قصده  البخاري  أن هذا الرجل تعلم الذي تعلمه من القرآن ، وأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمه تلك المرأة ، ويكون ذلك صداقا لها على ذلك ، وهذا فيه نزاع بين العلماء ، وهل يجوز أن يجعل مثل هذا صداقا ؟ أو هل يجوز أخذ الأجرة على تعليم القرآن  ؟ وهل هذا كان خاصا بذلك الرجل ؟ وما معنى قوله عليه الصلاة والسلام : زوجتكها بما معك من القرآن ؟ أبسبب ما معك من القرآن ؟ كما قاله  أحمد بن حنبل   : نكرمك بذلك . أو بعوض ما معك ، وهذا أقوى ، لقوله في صحيح مسلم   : فعلمها وهذا هو الذي أراده  البخاري  هاهنا وتحرير باقي الخلاف مذكور في كتاب النكاح والإجارة ، والله المستعان . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					