[ ص: 263 ] تفسير سورة العنكبوت [ وهي ] مكية . 
بسم الله الرحمن الرحيم 
( الم   ( 1 ) أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون   ( 2 ) ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين   ( 3 ) أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون   ( 4 ) ) . 
أما الكلام على الحروف المقطعة فقد تقدم في أول سورة " البقرة " . 
وقوله : ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون    ) استفهام إنكار ، ومعناه : أن الله سبحانه وتعالى لا بد أن يبتلي عباده المؤمنين بحسب ما عندهم من الإيمان ، كما جاء في الحديث الصحيح :  " أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ، ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان في دينه صلابة زيد في البلاء "  . وهذه الآية كقوله : ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين   ) [ آل عمران : 142 ] ، ومثلها في سورة " براءة " وقال في البقرة : ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب   ) [ البقرة : 214 ] ; ولهذا قال هاهنا : ( ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين    ) أي : الذين صدقوا في دعواهم الإيمان ممن هو كاذب في قوله ودعواه . والله سبحانه وتعالى يعلم ما كان وما يكون ، وما لم يكن لو كان كيف يكون . وهذا مجمع عليه عند أئمة السنة والجماعة ; ولهذا يقول ابن عباس  وغيره في مثل : ( إلا لنعلم   ) [ البقرة : 143 ] : إلا لنرى ; وذلك أن الرؤية إنما تتعلق بالموجود ، والعلم أعم من الرؤية ، فإنه [ يتعلق ] بالمعدوم والموجود  . 
وقوله : ( أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون   ) أي : لا يحسبن الذين لم يدخلوا في الإيمان أنهم يتخلصون من هذه الفتنة والامتحان ، فإن من ورائهم من العقوبة والنكال ما  [ ص: 264 ] هو أغلظ من هذا وأطم ; ولهذا قال : ( أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا   ) أي : يفوتونا ، ( ساء ما يحكمون   ) أي : بئس ما يظنون . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					