قوله ( والسماع على ضربين  سماع من المشهود عليه ، نحو الإقرار ، والعقود ، والطلاق ، والعتاق ، ونحوه ) ، وكذا حكم الحاكم ، فيلزم الشاهد الشهادة مما سمع ، لا بأنه عليه ، وهذا المذهب ،  وعنه    : لا يلزمه ، فيخير ، ويأتي تتمة ذلك مستوفى عند قوله " وتجوز شهادة المستخفي " . 
فائدة : لو شهد اثنان في محفل على واحد منهم : أنه طلق ، أو أعتق    : قبل ، ولو أن الشاهدين من أهل الجمعة ، فشهدا على الخطيب : أنه قال ، أو فعل  [ ص: 11 ] على المنبر في الخطبة شيئا لم يشهد به غيرهما  في المسألتين : قبل مع المشاركة في سمع وبصر ، ذكره في المغني في شهادة واحد في رمضان ، قال في الفروع : ولا يعارضه قولهم " إذا انفرد واحد فيما تتوفر الدواعي على نقله مع مشاركة خلق : رد " . قوله ( وسماع من جهة الاستفاضة فيما يتعذر علمه في الغالب إلا بذلك : كالنسب ، والموت ، والملك ، والنكاح ، والخلع ، والوقف ومصرفه ، والعتق ، والولاء ، والولاية ، والعزل ، وما أشبه ذلك ) ، كالطلاق ونحوه ، هذا المذهب ، أعني : أن يشهد بالاستفاضة في ذلك كله ، وعليه جماهير الأصحاب ، وجزم به في الوجيز ، وغيره ، وقدمه في الفروع ، وغيره ، وقيل : لا يشهد بالاستفاضة في الوقف ، وحكى في الرعاية خلافا في ملك مطلق ومصرف وقف ، وقال في العمدة : ولا يجوز عليهما في حد ولا قصاص ، قال في الفروع : فظاهره الاقتصار عليهما ، وهو أظهر . انتهى . 
وسأله الشالنجي  عن شهادة الأعمى  ؟ فقال : يجوز في كل ما ظنه ، مثل النسب ولا يجوز في الحد ، وظاهر قول  الخرقي  ، وابن حامد  ، وغيرهما : أنه يثبت فيهما أيضا ، لأنهم أطلقوا الشهادة بما تظاهرت به الأخبار ، وقال في الترغيب : تسمع شهادة الاستفاضة فيما تستقر معرفته بالتسامع  ، لا في عقد ، واقتصر جماعة من الأصحاب منهم :  القاضي  في الجامع ، والشريف   وأبو الخطاب  في خلافيهما  [ ص: 12 ]  وابن عقيل  في التذكرة ، والشيرازي  ، وابن البناء  على النسب والموت ، والملك المطلق ، والنكاح ، والوقف ، والعتق ، والولاء ، قال في الفروع : ولعله أشهر ، قال في المغني : وزاد الأصحاب على ذلك : مصرف الوقف والولاية والعزل ، وقال نحوه في الكافي ، وقال في الروضة : لا تقبل إلا في نسب وموت وملك مطلق ، ووقف وولاء ونكاح ، وأسقط جماعة من الأصحاب الخلع والطلاق ، وأسقطهما آخرون ، وزادوا : الولاء ، وقال الشارح    : لم يذكر  المصنف  الخلع في المغني ، ولا في الكافي ، قال : ولا رأيته في كتاب غيره ، ولعله قاسه على النكاح ، قال : والأولى أن لا يثبت . قياسا على النكاح والطلاق . انتهى . 
قلت    : نص  الإمام أحمد  رحمه الله على ثبوت الشهادة بالاستفاضة في الخلع والطلاق  ، وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والمحرر ، والنظم ، والحاوي الصغير ، والوجيز ، وغيرهم ، وقدمه في الرعايتين ، والفروع ، وغيرهم ، لكن العذر للشارح    : أنه لم يطلع على ذلك مع كثرة نقله ، وقال في عمد الأدلة : تعليل أصحابنا بأن جهات الملك تختلف : تعليل يوجد في الدين ، فقياس قولهم : يقتضي أن يثبت الدين بالاستفاضة ، قلت    : وليس ببعيد . 
تنبيه : ظاهر قوله " والنكاح " يشمل العقد والدوام ، وهو صحيح ، وهو ظاهر كلام غيره ، وظاهر ما قدمه في الفروع ،  [ ص: 13 ] وقال جماعة من الأصحاب : يشهد بالاستفاضة في دوام النكاح ، لا في عقده ، منهم : ابن عبدوس  في تذكرته . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					