( 8401 ) فصل : ظاهر كلام  أحمد   والخرقي  ، أنه لا يعتبر في ثبوت أحكام التوبة ، من قبول الشهادة ، وصحة ولايته في النكاح ، إصلاح العمل    . وهو أحد القولين  للشافعي  ، وفي القول الآخر ، يعتبر إصلاح العمل ، إلا أن يكون ذنبه الشهادة بالزنى ، ولم يكمل عدد الشهود ، فإنه يكفي مجرد التوبة من غير اعتبار إصلاح ، وما عداه  [ ص: 194 ] فلا تكفي التوبة حتى تمضي عليه سنة ، تظهر فيها توبته ، ويتبين فيها صلاحه . وذكر  أبو الخطاب  هذا رواية  لأحمد    ; لأن الله تعالى قال : { إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا    } . 
وهذا نص ، فإنه نهى عن قبول شهادتهم ، ثم استثنى التائب المصلح ; ولأن  عمر  رضي الله عنه لما ضرب صبيغا  أمر بهجرانه ، حتى بلغته توبته ، فأمر أن لا يكلم إلا بعد سنة . ولنا ، قوله عليه السلام : { التوبة تجب ما قبلها   } . 
وقوله : { التائب من الذنب كمن لا ذنب له   } . ولأن المغفرة تحصل بمجرد التوبة ، فكذلك الأحكام ، ولأن التوبة من الشرك بالإسلام لا تحتاج إلى اعتبار ما بعده ، وهو أعظم الذنوب كلها ، فما دونه أولى . فأما الآية ، فيحتمل أن يكون الإصلاح هو التوبة ، وعطفه عليها لاختلاف اللفظين ، ودليل ذلك ، قول  عمر  لأبي بكرة    : تب ، أقبل شهادتك . ولم يعتبر أمرا آخر ، ولأن من كان غاصبا ، فرد ما في يديه ، أو مانعا للزكاة ، فأداها وتاب إلى الله تعالى ، قد حصل منه الإصلاح ، وعلم نزوعه عن معصيته بأداء ما عليه ، ولو لم يرد التوبة ، ما أدى ما في يديه ، ولأن تقيده بالسنة تحكم لم يرد الشرع به ، والتقدير إنما يثبت بالتوقيف ، وما ورد عن  عمر  في حق صبيغ  إنما كان لأنه تائب من بدعة ، وكانت توبته بسبب الضرب والهجران ، فيحتمل أنه أظهر التوبة تسترا ، بخلاف مسألتنا . 
وقد ذكر  القاضي  ، أن التائب من البدعة يعتبر له مضي سنة ، لحديث صبيغ    . رواه  أحمد  في " الورع " ، قال : ومن علامة توبته ، أن يجتنب من كان يواليه من أهل البدع ، ويوالي من كان يعاديه من أهل السنة . والصحيح أن التوبة من البدعة  كغيرها ، إلا أن تكون التوبة بفعل يشبه الإكراه ، كتوبة صبيغ  ، فيعتبر له مدة تظهر أن توبته عن إخلاص ، لا عن إكراه . وللحاكم أن يقول للمتظاهر بالمعصية : تب ، أقبل شهادتك . 
وقال  مالك    : لا أعرف هذا . قال  الشافعي    : وكيف لا يعرفه ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتوبة ، وقاله  عمر  لأبي بكرة  ، . 


						
						
