( 8391 ) مسألة ; قال : وتجوز شهادة العبد في كل شيء ، إلا في الحدود ، وتجوز شهادة الأمة فيما تجوز فيه شهادة النساء الكلام في هذه المسألة في فصول ثلاثة ; ( 8392 ) الفصل الأول : في قبول شهادة العبد  فيما عدا الحدود والقصاص ، فالمذهب أنها مقبولة .  [ ص: 189 ] روي ذلك عن  علي  ،  وأنس  رضي الله عنهما . قال  أنس    : ما علمت أن أحدا رد شهادة العبد . 
وبه قال  عروة  ،  وشريح  ،  وإياس  ،  وابن سيرين  ،  والبتي  ،  أبو ثور  ،  وداود  ،  وابن المنذر    . وقال  عطاء  ،  ومجاهد  ، والحسن  ،  ومالك  ، والأوزاعي  ،  والثوري  ،  وأبو حنيفة  ،  والشافعي  ،  وأبو عبيد    : لا تقبل شهادته ; لأنه غير ذي مروءة ، ولأنها مبنية على الكمال لا تتبعض ، فلم يدخل فيها العبد ، كالميراث . وقال الشعبي  ،  والنخعي  ، والحكم    : تقبل في الشيء اليسير . ولنا ، عموم آيات الشهادة ، وهو داخل فيها ، فإنه من رجالنا ، وهو عدل تقبل روايته وفتياه وأخباره الدينية . 
وروى عقبة بن الحارث ،  قال : { تزوجت أم يحيى بنت أبي إهاب  ، فجاءت أمة سوداء ، فقالت : قد أرضعتكما . فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : كيف ، وقد زعمت ذلك ؟   } . متفق عليه . وفي رواية أبي داود  ، { فقلت : يا رسول الله ، إنها لكاذبة . قال : وما يدريك ، وقد قالت ما قالت ، دعها عنك   } . ولأنه عدل غير متهم ، فتقبل شهادته ، كالحر ولا نسلم أنه غير ذي مروءة ، فإنه كالحر ينقسم إلى من له مروءة ، ومن لا مروءة له ، وقد يكون منهم الأمراء والعلماء والصالحون والأتقياء . 
سئل  إياس بن معاوية  ، عن شهادة العبيد ، فقال : أنا أرد شهادة  عبد العزيز بن صهيب  وكان منهم  زياد بن أبي زياد  مولى  ابن عباس  ، من العلماء الزهاد ، وكان  عمر بن عبد العزيز  يرفع قدره ، ويكرمه . ومنهم عكرمة  مولى  ابن عباس  ، أحد العلماء الثقات . وكثير من العلماء الموالي كانوا عبيدا ، أو أبناء عبيد ، لم يحدث فيهم بالإعتاق إلا الحرية ، والحرية لا تغير طبعا ، ولا تحدث علما ، ولا مروءة ، ولا يقبل منهم إلا من كان ذا مروءة . ولا يصح قياس الشهادة على الميراث  ، فإن الميراث خلافة للموروث في ماله وحقوقه ، والعبد لا يمكنه الخلافة ; لأن ما يصير إليه يملكه سيده ، فلا يمكن أن يخلف فيه ، ولأن الميراث يقتضي التمليك ، والعبد لا يملك ، ومبنى الشهادة على العدالة التي هي مظنة الصدق ، وحصول الثقة من القول ، والعبد أهل لذلك ، فوجب أن تقبل شهادته . 
( 8393 ) الفصل الثاني : أن شهادته لا تقبل في الحد  ، وفي القصاص احتمالان ; أحدهما ، تقبل شهادته فيه ; لأنه حق آدمي ، لا يصح الرجوع عن الإقرار به ، فأشبه الأموال . والثاني ، لا تقبل ; لأنه عقوبة بدنية تدرأ بالشبهات ، فأشبه الحد ، وذكر الشريف  ،  وأبو الخطاب  ، في العقوبات كلها من الحدود والقصاص روايتين ; إحداهما ، تقبل ; لما ذكرنا ، ولأنه رجل عدل ، فتقبل شهادته فيها ، كالحر . والثانية ، لا تقبل . وهو ظاهر المذهب ; لأن الاختلاف في قبول شهادته في الأموال نقص وشبهة ، فلم تقبل شهادته فيما يدرأ بالشبهات ; ولأنه ناقص الحال ، فلم تقبل شهادته في الحد والقصاص ، كالمرأة . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					