[ ص: 192 ] 961 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كان يقول عند وداعه من كان يودعه .
5940 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، أخبرني أنس بن عياض الليثي ، عن عبد العزيز بن عمر ، عن يحيى بن إسماعيل بن جرير ، عن قزعة قال :
كنت عند عبد الله بن عمر ، فأردت الانصراف ، فقال : كما أنت حتى أودعك كما ودعني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وأخذ بيدي فصافحني ، ثم قال : أستودع الله دينك ، وأمانتك ، وخواتم عملك . [ ص: 193 ] [ ص: 194 ] [ ص: 195 ]
5941 - وحدثنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني سعيد بن أبي أيوب ، والليث بن سعد ، عن الحسن بن ثوبان : أنه سمع موسى بن وردان يقول :
أتيت أبا هريرة أودعه لسفر أردته ، فقال أبو هريرة : ألا أعلمك يا ابن أخي شيئا علمنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أقوله عند الوداع ؟ فقلت : بلى . قال : قل أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه .
[ ص: 196 ] قال أبو جعفر : فالذي في هذا الحديث مقصر عما في الحديث الأول ، ومن حفظ شيئا كان أولى ممن قصر عنه .
5942 - وحدثنا علي بن عبد الرحمن ، حدثنا عفان بن مسلم ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن أبي جعفر الخطمي ، عن محمد بن كعب ، عن عبد الله بن يزيد الخطمي قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شيع جيشا بلغ ثنية الوداع ، وقال : أستودع الله دينكم ، وأمانتكم ، وخواتم أعمالكم .
قال أبو جعفر : فتأملنا ما في حديثي ابن عمر ، وعبد الله بن زيد من استيداع رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانة من كان ودعه مع استيداعه إياه دينه .
فكان ذلك عندنا - والله أعلم - على أن الأمانة موضعها من الناس كموضع الإيمان الذي هو الدين منهم .
كما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما قد ذكرناه فيما تقدم منا في [ ص: 197 ] كتابنا هذا من قوله : لا إيمان لمن لا أمانة له .
فكان الإيمان الذي هو وجود الدين إنما يكون عند الأمانة ، وينتفي عند عدمها ، فعقلنا بذلك أنها جعلت كهو وأنها مضمنة به ، وأنه مضمن بها ، فاستودعه كما استودع الله جل جلاله دينه ، وبالله التوفيق .



