(42) الثاني والأربعون من شعب الإيمان " وهو باب في الاقتصاد في النفقة وتحريم أكل المال بالباطل "  
قال الله عز وجل : ( ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا   ) . 
وقال : ( وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا  إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا   ) . 
وقال في صفة الذين سماهم عباد الرحمن . 
( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ، ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما   ) . 
فاشتملت هذه الآيات كلها على الأمر بالاقتصاد ، والنهي عن الإسراف ، وكان ذلك موافقا للنهي عن الإسراف في الأكل ، والشرب ؛  لأن الله عز وجل يقول : ( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين   ) . 
فإذا كان الإسراف في الأكل والشرب ممنوعا ، وجب أن يكون الإسراف في الإنفاق ممنوعا لأن ذلك إنما يكون بصرف المال في أكثر مما يحتاج إليه من المأكول والمشروب ، وذلك الأكثر ممنوع من أكله ، فينبغي أن يكون صرف المال في الممنوع ممنوعا ، وحد السرف في الأكل أن يجاوز الشبع ، ويثقل البدن ، حتى لا يكون معه أداء واجب ولا قضاء حق إلا بحمل على البدن وليس السرف في الإنفاق كل ما ذكرنا ، لكن في المسكن والملبس ، والمركب ، والخدام من السرف مثل ما في الطعام والشراب ، فأما الإنفاق فيما يبقى وينمو فليس بسرف كشري الضياع ، والمواشي للنسل ؛ لأن هذه تغل وتنمو فيزداد بما يصرف فيها أضعافه . 
 [ ص: 489 ] قال ومما يدخل في جملة التبذير والإسراف أن لا يبالي الواحد فيما يشتري ويبيع كأن يغبن أو يغبن فيبيع بوكس ، ويشتري بفضل ، وبسط الكلام فيه إلى أن حكى عن  ابن عباس  أنه قال في قول الله عز وجل : ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل   )   . 
قال الرجل : يشتري المتاع فيرده ، ويرد معه دراهم ، قال : وكل هذا ممنوع ، وهذا الوجه هو الموجب للحجر ، وكذلك الإنفاق في الملاهي ، والشهوات المحرمة من التبذير الموجب للحجر والوقف . 
فأما إذا اشترى طعاما أكثر من حاجته أو لباسا أو خادما أكثر من حاجته ، فهو وإن كان سرفا فليس من السرف الموجب للحجر ؛  لأنه يستبدل بالملك ملكا يوازيه وإنما يقع الإسراف منه في الانتفاع مما ملكه . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					