مسألة : ( وقال ) في المرأة إذا  طلقها زوجها ثلاثا مريضا   فيها قولان : أحدهما ترثه ، والآخر لا ترثه ، والذي يلزمه ألا يورثها : لأنه لا يرثها بإجماع لانقطاع النكاح الذي به يتوارثان ، فكذلك لا ترثه كما لا يرثها لأن الناس عنده يرثون من حيث يورثون ولا يرثون من حيث لا يورثون " .  
قال  الماوردي      : وهذه المسألة أوردها  المزني   في جملة اعتراضه على  الشافعي   في ميراث المرتد ، وهذا الموضع يقتضي شرحها وذكر ما تفرع عليها والانفصال عن اعتراض  المزني   بها ما قدمناه في اعتراض بمن نصفه حر ونصفه مملوك ، وأصل هذه المسألة أن الطلاق على ضربين : طلاق في الصحة وطلاق في المرض ، فأما  الطلاق في الصحة فضربان : بائن ، ورجعي      . فأما  البائن فلا توارث فيه بين الزوجين   ، سواء كان في المدخول بها أو دون الثلاث في غير المدخول بها ، وهذا إجماع .  
وأما  الرجعي فهو دون الثلاث في المدخول بها فإنهما يتوارثان في العدة   ، فإن مات ورثته واعتدت عدة الوفاة ، وإن ماتت ورثها ، فإن كان الموت بعد انقضاء العدة ولو بطرفة عين لم يتوارثا ، وحكي عن  أبي بكر   وعمر      - رضي الله عنهما - أنها ترثه ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة ، وليس يخلو قولهما ذلك من أحد أمرين : إما أن يجعل الغسل من بقايا العدة ، فيكون ذلك مذهبا لهما في العدة دون الميراث ولا وجه له : لأن العدة استبراء ، وليس الغسل مما يقع به الاستبراء ، وإما أن يجعلا انقضاء العدة بانقضاء الحيض ويوجبا الميراث مع بقاء الغسل      [ ص: 149 ] فيكون ذلك مذهبا لهما في الميراث دون العدة ، ولا وجه له : لأن انقضاء العدة يوجب انقضاء عقد النكاح والميراث منهما فارتفع بارتفاعها ، ولو جاز اعتبار ذلك لصار الميراث موقوفا على خيارها إن شاءت تأخير الغسل ، فلو مات أحد الزوجين في الطلاق الرجعي ، ثم اختلف الباقي منهما ووارث الميت فقال وارث الميت : مات بعد انقضاء العدة ، فلا توارث ، وقال الباقي منهما بل كان الموت قبل انقضاء العدة فلي الميراث ، فالقول قول الباقي من الزوجين مع يمينه في استحقاق الميراث ، سواء كان هو الزوج أو الزوجة لأمرين :  
أحدهما : أن الأصل استحقاق الميراث حتى يعلم سقوطه .  
والثاني : أننا على يقين من بقاء العدة حتى يعلم تقضيها .  


						
						
