المقدمة الثانية في مشروعيتها    . 
وبجوازها قال : ( ش )  وأحمد  ، ومنعها ( ح ) لنهيه عليه السلام عن المخابرة ، وهي مشتقة من خيبر أي نهى عن الفعل الذي وقع في خيبر  من المساقاة ، فيكون حديث الجواز منسوخا ، أو يسلم عدم نسخه ويقول كان أهل خيبر   عبيدا للمسلمين ، ويجوز مع العبد ما يمتنع مع الأجنبي ، والذي قدره عليه السلام من شطر الثمرة وهو قوت لهم ; لأن نفقة العبد على المالك ، ولنهيه عليه   [ ص: 94 ] السلام عن بيع الغرر   - وأجرة الأجير فيها غرر - ولأن الخبر إذا ورد على خلاف القواعد رد إليها ، وحديث الجواز على خلاف ثلاث قواعد : بيع الغرر  ، فإن الثمن المبيع مجهول الصفة والمقدار ، وإجارة بأجرة مجهولة  ، وبيع الثمر قبل بدو صلاحه  ، والكل حرام إجماعا ، وبالقياس على تنمية الماشية ببعض نمائها . 
والجواب : عن الأول : أن العرب كانت تعرف المخابرة قبل الإسلام ، وهي عندهم كراء الأرض بما يخرج منها مأخوذة من الخبرة التي هي العلم بالخفيات ، ولذلك ما تمدح الله تعالى بها إلا بعد التمدح بالعلم ، كقوله تعالى : ( عليم خبير    ) ; لكونها أمدح ، فإن إدراك الخفي أفضل من إدراك الجلي ، والحراث يخرج خفيات الأرض بالحرث ، فاشتق ذلك لكراء الأرض لتحرث بجزء ما يخرج من المحروث وقيل : الخبرة الحرث والمخابرة مشتقة منه ، ومنه سمي المزارع خبيرا . 
وعن الثاني : أنهم لو كانوا عبيدا امتنع ضرب الجزية عليهم وإخراجهم إلى الشام  ونفيهم في أقطار الأرض ، لئلا يكون تضييعا لما فيهم من مال المسلمين . 
وعن الثالث : أن حديث الجواز وهو ما في   البخاري     : عامل عليه السلام أهل خيبر   على شطر ما يخرج من ثمر وزرع ، ثم كان الأمر على ذلك في خلافة  أبي بكر  وصدر من خلافة  عمر  ، ثم أجلاهم  عمر  إلى تيما  وأريحا    - خاص ، وحديث النبي - عن الغرر عام ، والخاص يقدم على العام ، وكيف يتخيل أنه مفسوخ وقد عمل به الصحابة رضوان عليهم بعده عليه السلام ، والعمل بالمنسوخ حرام إجماعا . 
 [ ص: 95 ] وعن الرابع : أن الخبر إنما يجب رده للقواعد إذا لم يعمل به ، أما إذا عمل به قطعنا بإرادة معناه فيعتقد ، ولا يلزم الشارع أنه متى شرع حكما شرعه مثل غيره ، بل له أن يشرع ما له نظير وما لا نظير له . 
وعن الخامس : الفرق بأن المواشي لا يتعذر بيعها عند العجز عن الإقامة بها بخلاف الزرع الصغير والثمرة ، وهو معارض بالقياس على القراض . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					