الباب الثاني . 
في أسباب الخيار  ، وهي ثلاث : 
السبب الأول : العيوب ، وفيه فصلان : 
الفصل الأول : في عيوب النساء  ، وفيه نظران : 
النظر الأول : في الموجب ، وفي الكتاب : ترد النساء بالجنون ، والجذام ، والبرص ، وداء الفرج لما روي أنه عليه السلام : ( تزوج امرأة من بني بياضة  فوجد بكشحها بياضا فردها ، وقال دلستم علي   ) ، وروي عن . 
 [ ص: 420 ] عمر  ،  وعثمان  ،  وعلي  ، وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم : رد النساء من هذه العيوب الأربعة ، ولا مخالف لهم ، فكان إجماعا ، ووافقنا ( ش ) ،   وابن حنبل  ، وقال ( ح ) : لا ترد بعيب ألبتة ; لقول   ابن مسعود     : لا ترد المرأة بعيب ، وجوابه : تخصيصه بغير مورد السنة جمعا بينهما ، وقياسا على الجب والعنة في الرجل ، وفي الجواهر : الجنون : الصرع والوسواس الذي ذهب معه العقل ، والجذام : ما ينفر وإن كان قليلا ، وقال   ابن حنبل  ، واشترط ( ش ) تفاحشه حتى لا يقبل العلاج ، لنا : أنه منفر فيمنع الوطء ، ولأنه يظهر في النسل . 
فرع 
قال  اللخمي     : ترد إذا اطلع أن أحد الأبوين كذلك لتوقعه في الذرية ، قال : ورأيت امرأة كان أبوها أجذم ولم يظهر فيها ، وظهر في عدد من ولدها ، وفي الجواهر : ترد المرأة بالبرص ، ولو خيط ، وقاله   ابن حنبل  ، وخالف ( ش ) كما تقدم في الجذام ، وسوى  ابن القاسم  بين الرجل والمرأة فيه ، وروى  أشهب  عدم اعتباره في الرجل وإن عظم ، فإن النفرة من المرأة لا تمنع التمكين ، ويمنع تعاطي الوطء من الرجل ، قال  اللخمي     : يعتبر الجنون ، ولو كان في الشهر مرة ، وترد بالبخر خلافا للأئمة ; لأنه منفر ، وقاسوه على الجرب ، والصنان ، والفرق أنه أفحش بشهادة العادة ، وبالإفضاء ، وهو اختلاط مسلك المني ومسلك البول ، وقال  ابن حبيب     : ترد بالقرع الفاحش لتنفيره كالبرص ، ومنع  أبو الوليد  قياسا على الجرب ، قال  أبو الطاهر     : في الرد بنتن الفرج والقرع والسواد قولان ، والمشهور : الرد ، وألحق  اللخمي  البخر في الفم والأنف . 
 [ ص: 421 ] فرع 
قال  اللخمي     : يردها إذا وجدها عذيوطة ، وهي التي تحدث عند الجماع ، وقال ( ش )   وابن حنبل     : فإن تداعياه : قال  ابن المعذل     : يطعم أحدهما تينا ، والآخر فقوصا ، وخرج الحنابلة عليه : الناسور والقروح السائلة في الفرج ، ومنعوا في البخر . 
فائدة : قال  الجوالقي  فيما تغلط فيه العامة ، يقولون : العضروط للذي يحدث في الجماع ، وإنما هو العدبوط بكسر العين وفتح الباء بواحدة من تحتها والدال ، والواو ساكنين ، والعضروط الذي تقول له العامة هو الذي يخدمك بطعامه ، وجمعه عضاريط ، وعضارطة . 
وفي الكتاب : ما علم أهل المعرفة أنه عيب في الفرج ردت به ، وإن جومعت معه ، فإن المجنونة قد تجامع ، قال  اللخمي     : الرتق ، والقرن أربعة أقسام    : ما لا ضرر عليهما في قطعه ، ولا عيب في الإصابة بعده فالقول قول من دعا إلى القطع ، فإن طلق بعد رضاها بالقطع تشطر الصداق ، وإلا فلا شيء عليه ، وما يضرها ولا عيب فيه فالخيار لها دونه ، وما لا يضر ولا يعيب فالخيار له دونها ، فإن أحب لزمهما ، وإن فارق فلا شيء عليه ، وما يضر ويعيب : فلكل واحد منهما أن يمتنع ، قال  ابن يونس     : وفي كتاب  محمد  إذا كان الرتق من الختان أزيل وإن كرهت ، إذا قال النساء لا يضرها ، قال  أصبغ     : إذا أقامت للعلاج نحو السنة ، وهو يستمتع بها فلها جميع الصداق كالعنين ، وفي الرد بالسواد ، والقرع ، والبخر ، والخشم ، وهو نتن الأنف قولان ، قال :   [ ص: 422 ] وأرى ردها بالصغر نحو خمس سنين لامتناع الوطء كالرتقاء ، والصبر إلى البلوغ ضرر ، وكذلك الهرم المفرط ، والمستحاضة ، ولم يجعل  مالك  الكفر عيبا في الزوجين ، واختلف إذا قال لها : أنا نصراني ، فقال : لها الرد ، وقال  ربيعة     : الإسلام ليس بعيب ، وفي الجواهر : قال  ابن حبيب     : له الرد بالسواد ، وإن لم يشترطه إذا كان أهلها بيضا ; لأن ذلك كالشرط ، قال  أبو الوليد     : فعلى هذا يكون عارفا بأهلها ، وإلا فلا . 
فائدة من التنبيهات : العفل بفتح العين المهملة ، وفتح الفاء في النساء كالأدرة في الرجال : لحم يبدو من الفرج ، وقال غيره : رغوة في الفرج تحدث عند الجماع ، والقرن : بفتح القاف ، وسكون الراء مثله ، وقد يكون خلقة ، وقد يكون عظما ، وقد يكون لحما ، والرتق بفتح الراء التصاق موضع الوطء . 
فرع 
قال  ابن يونس     : إذا أكذبته في داء الفرج صدقت ; لأن الأصل عدمه ، ولا ينظر إليها النساء ; لأن النظر جرحة في الشاهد ، فإن شهد امرأتان جازت شهادتهما ، وقال   سحنون     : ينظر إليها النساء لضرورة دفع الخصام والضرر ، وفي التنبيهات : روى   ابن أبي زمنين     : لفظ المدونة يقتضي نظر النساء ، وقال   ابن كنانة     : هو مذهب  مالك  لقوله في الكتاب : ما علمه أهل المعرفة من داء الفرج ، قال  أبو الفضل  ، وفيه نظر ; لأنه يمكن بقاؤهما عليه ويسأل عنه الناس . 
 [ ص: 423 ] فرع 
قال  ابن يونس     : قال  مالك  وأصحابه : ما حدث بها عند الزوج من العيوب الأربعة ، فلا خيار لها ، وقاله ( ش ) قياسا على عيوب البيع ، قال  محمد     : وما حدث بعد العقد من البرص الفاحش فلا خيار لهما ، وخالف  ابن حبيب   وابن حنبل  نفيا للضرر عنهما ، وقياسا على الإجارة ، قال صاحب البيان : يفرق بينهما بالجذام البين حدث قبل العقد أو بعده ، ولا صداق إلا أن يدخل ، وقال  أشهب     : لا يفرق بينهما إلا أن يتفاحش ، ولا يحتمل النظر إليه . 
فرع 
قال : فإن رضيت بالمقام معه ثم كرهته فثلاثة أقوال : قال  ابن القاسم     : ليس لها إلا أن يريد ، وقال  ابن وهب     : لها نفيا للضرر ; لأنه لا تؤمن زيادته ، ( وقال  أشهب     : ذلك ، وإن أمنت زيادته ) . 
فرع 
وفي الجواهر : ما حدث بعد العقد ففيه أقوال : ثالثها : التفرقة بين ما تخشى زيادته من البرص ، وما لا فلا ، ورابعها : التفرقة بين كثير البرص وقليله . 
 [ ص: 424 ] فرع 
قال : فإن ادعى الأب حدوثه بعد العقد فالقول قوله إن كان التداعي بعد الدخول ; لأنه مدعى عليه الرد ، وإلا فالقول قول الزوج ، كقول المشتري قبل القبض ، والمشهور أن الإيمان في هذا كله على البت من الأب والزوج وغيرهما ، وفي الجواهر : إن تداعيا تقدمه على العقد في المرأة : فالبينة على الزوج ، فإن تعذرت : قال  مالك     : إن كان الولي أبا أو أخا عليه اليمين ، أو غيرهما فاليمين عليها ، فجعل محل الغرم محل اليمين . 
فرع 
قال  ابن يونس     : قال  مالك     : في المدونة يؤخر في الجنون بعد العقد سنة لعلاجه ، فإن صح ، وإلا فرق بينهما ، والأجذم لها مفارقته بخلاف الأبرص لكثرة أذية الجذام ، وقال  ابن القاسم     : إن كان يرجى علاج الأجذم أجل سنة . 
فرع 
قال : فإن علم بعيبها ثم دخل  فلا خيار له لرضاه ، وكذلك إن علم بعد البناء فأمسكها ، فإن أنكر العلم حلف ، وإن ادعت المسيس بعد العلم وأنكره حلف ; لأن الأصل عدمه ، فإن نكل حلفت . 
 [ ص: 425 ] فرع 
قال  اللخمي     : إذا قال الولي : هي سالمة ، قال  ابن القاسم     : ليس بشرط ، وقال  أصبغ     : شرط ، ولو قاله أجنبي بحضرة الولي وهو ساكت فهو غرر ، وفي الجواهر : قال  أبو محمد  ، ولو كتب في العقد صحيحة العقل ، والبدن ليس بشرط ; لأنه تلفيق الوثاقة ، ولو قال : سليمة البدن فهو شرط ; لأن العدول عن اللفظ المعتاد يشعر بالشرطية ، وفي الكتاب : لا ترد بغير العيوب الأربعة إلا أن يشترطه ; لأن النكاح إنما يقع بعد الفحص فكان الأصل أن لا ترد بعيب ألبتة صونا للحرائر عن بذلة الرد ، ولذلك لم يجز اشتراط الخيار ، ولأنه مفرط بعدم الاشتراط . 
تنبيه : في الجلاب : إن تزوجها في عدتها جاهلا ، ودخل بها  فعليه ردها ، وهو بمنزلة العيوب التي ذكرناها ، قال الشراح : يريد في الرجوع بالصداق على الولي ، قال  الأبهري  في شرح المختصر : لأنه منعه من استدامة الوطء ، والصداق مبذول للاستدامة ، ولو لم يعلم الولي بذلك رجع عليها ; لأنها غرته ، ويترك لها ربع دينار ، ( وتحرم عليه أبدا ; لأنه مصيب في العدة ، فإن فرق بينهما قبل الدخول جاز أن يتزوجها بعد ذلك بعقد جديد ) . 


						
						
