إسلام عمرو بن العاص رضي الله عنه 
 12  - حدثنا  محمد بن عبدوس بن كامل السراج  قال : ثنا  محمد بن عبد الله بن نمير  قال : ثنا نمير  قال : ثنا  عبد الله بن إدريس  قال : حدثنا محمد بن إسحاق  قال : حدثني  يزيد بن أبي حبيب  ، عن راشد مولى حبيب بن أبي أوس ،  عن حبيب بن أبي أوس  قال : حدثني  عمرو بن العاص  من فيه إلى أذني قال : لما انصرفنا من الأحزاب عن الخندق  جمعت رجالا من قريش ،  فقلت لهم : أترون رأيي وتسمعون مني ؟ قالوا : نعم ، فقلت : إني أرى أمر محمد  يعلو الأمور علوا شديدا ، وإني قد رأيت رأيا ، فما ترون فيه ؟ قالوا : وما هو ؟ قلت : أرى أن نلحق  بالنجاشي ،  فإن ظهر محمد  على قومنا كنا عند  النجاشي  فنكون تحت يديه أحب إلينا من أن نكون تحت يدي محمد ،  وإن ظهر قومنا فنحن منهم من قد عرفونا ، ولا يأتينا منهم إلا خير ، قالوا : إن هذا لرأي ، فقلت : فاجمعوا هدايا نهديها له ، وكان أحب ما يهدى إليه من أرضنا الأدم ، قال : فجمعنا له أدما كثيرا ، ثم خرجنا حتى قدمنا عليه ، فوالله إنا لعنده إذ جاء  عمرو بن أمية الضمري  ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه إليه في شأن جعفر  وأصحابه ، قال : فدخلوا  [ ص: 217 ] عليه ثم خرجوا من عنده ، فقلت لهم يعني أصحابه : هذا  عمرو بن أمية ،  فلو دخلنا عليه فقدمنا إليه هدايانا فسألته إياه فأعطانيه فقتلته ، فإذا فعلت ذلك رأت قريش  أني قد أجزأت عنها حين قتلت رسول رسول الله محمد ، قال : فدخلت عليه فسجدت له كما كنا نصنع به ، فقال : مرحبا بك ، هل أهديت إلي من بلادك أشياء ؟ قلت : نعم ، أهديت لك أيها الملك أدما كثيرا ، قال : فقربته إليه فاشتهاه وأعجبه ، فقلت : أيها الملك ، إني رأيت رجلا خرج من عندك ، وهو رسول رجل عدو لنا ، فأعطنيه فأقتله ، فإنه قد أصاب من أشرافنا وخيارنا ، قال : فغضب ومد يده فضرب بها الأنف أنفه ضربة ظننت أنه كاسره ، قال : فلو انشقت لي الأرض فدخلت منها فرقا منه ، فقلت : أيها الملك ، والله لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتكه ، قال : أتسألني أن أعطيك رجلا لتقتله وهو رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى ،  فقلت له : كذلك هو ؟ قال : نعم ، ثم قال : ويحك يا عمرو ،  أطعني واتبعه ، فوالله إنه على الحق ، وليظهرن على من خالفه كما ظهر موسى   - صلى الله عليه وسلم - على فرعون  وجنوده ، فقلت له : أفتبايعني له على الإسلام ؟ قال : نعم ، فبسط يده فبايعته على الإسلام ، ثم خرجت من عنده إلى أصحابي وقد حال رأيي رأي عمرو  عما كان عليه ، وكتمت أصحابي إسلامي ، ثم خرجت عامدا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأسلم ، فلقيت  خالد بن الوليد  وذلك قبيل الفتح وهو مقبل من مكة ،  فقلت : إلى أين يا أبا سليمان ،  فقال : والله لقد استقام المنسم ، وإن الرجل لعلى الحق ، وأنا أذهب لأسلم ، فقلت : وأنا أيضا ، فقدمنا المدينة ،  فأتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتقدم خالد  وأسلم وبايع ، وتقدمت أنا وقلت وأنا أبايع  [ ص: 218 ] وذكرت ما تقدم من ذنبي ، ولم أذكر ما استأخر ،  فقال : " بايع فإن الإسلام يجب ما كان قبله ،  والهجرة تجب ما كان قبلها   " . 


						
						
