قال تعالى : (  ولو ترى إذ وقفوا على ربهم   قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون      ) ( 30 ) .  
قوله تعالى : (  وقفوا على ربهم      ) : أي على سؤال ربهم ، أو على ملك ربهم .  
قال تعالى : (  قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله   حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون      ) ( 31 ) .  
 [ ص: 365 ] قوله تعالى : ( بغتة ) : مصدر في وضع الحال ؛ أي : باغتة .  
وقيل : هو مصدر لفعل محذوف ؛ أي : تبغتهم بغتة .  
وقيل : هو مصدر بجاءتهم من غير لفظه .  
(  ياحسرتنا      ) : نداء الحسرة والويل على المجاز ، والتقدير : يا حسرة احضري ؛ فهذا أوانك ، والمعنى تنبيه أنفسهم لتذكر أسباب الحسرة .  
و ( على ) : متعلقة بالحسرة ، والضمير في " فيها " يعود على الساعة ، والتقدير : في عمل الساعة .  
وقيل : يعود على الأعمال ، ولم يجر لها صريح ذكر ، ولكن في الكلام دليل عليها .  
(  ألا ساء ما يزرون      ) : " ساء " بمعنى بئس ، وقد تقدم إعرابه في مواضع ، ويجوز أن تكون ساء على بابها ، ويكون المفعول محذوفا ، وما مصدرية ، أو بمعنى الذي ، أو نكرة موصوفة ، وهي في كل ذلك فاعل ساء ، والتقدير : ألا ساءهم وزرهم .  
قال تعالى : (  وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو   وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون      ) ( 32 ) .  
قوله تعالى : (  وللدار الآخرة      ) : يقرأ بالألف واللام ورفع الآخرة على الصفة ؛ والخبر " خير " . ويقرأ " ولدار الآخرة " على الإضافة ؛ أي : دار الساعة الآخرة ، وليست الدار مضافة إلى صفتها ؛ لأن الصفة هي الموصوف في المعنى ، والشيء لا يضاف إلى نفسه ، وقد أجازه  الكوفيون      .  
قال تعالى : (  قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون   فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون      ) ( 33 ) .  
قوله تعالى : (  قد نعلم      ) : أي قد علمنا ، فالمستقبل بمعنى الماضي .  
(  لا يكذبونك      ) : يقرأ بالتشديد على معنى لا ينسبونك إلى الكذب ؛ أي : قبل دعواك النبوة ، بل كانوا يعرفونه بالأمانة والصدق ، ويقرأ بالتخفيف ، وفيه وجهان : أحدهما : هو في معنى المشدد ، يقال أكذبته وكذبته ، إذا نسبته إلى الكذب .  
 [ ص: 366 ] والثاني : لا يجدونك كذابا ؛ يقال : أكذبته ؛ إذا أصبته كذلك ؛ كقولك : أحمدته إذا أصبته محمودا . (  بآيات الله      ) : الباء تتعلق بـ ( يجحدون ) . وقيل : تتعلق بالظالمين ؛ كقوله تعالى : (  وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها      ) [ الإسراء : 59 ] .  
قال تعالى : (  ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا   على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين      ) ( 34 ) .  
قوله تعالى : (  من قبلك      ) : لا يجوز أن يكون صفة لرسل ؛ لأنه زمان ؛ والجنة لا توصف بالزمان ، وإنما هي متعلقة بكذبت . ( وأوذوا ) : يجوز أن يكون معطوفا على كذبوا ، فتكون " حتى " متعلقة بصبروا .  
ويجوز أن يكون الوقف تم على كذبوا ، ثم استأنف ، فقال : وأوذوا ، فتتعلق حتى به ، والأول أقوى . (  ولقد جاءك      ) : فاعل جاءك مضمر فيه . قيل : المضمر المجيء ، وقيل : المضمر النبأ ، ودل عليه ذكر الرسل ؛ لأن من ضرورة الرسول الرسالة ، وهي نبأ ، وعلى كلا الوجهين يكون " من نبأ المرسلين " حالا من ضمير الفاعل ، والتقدير : من جنس نبأ المرسلين .  
وأجاز  الأخفش  أن تكون من زائدة ، والفاعل نبأ المرسلين ،   وسيبويه  لا يجيز زيادتها في الواجب ، ولا يجوز عند الجميع أن تكون من صفة لمحذوف ؛ لأن الفاعل لا يحذف وحرف الجر إذا لم يكن زائدا لم يصح أن يكون فاعلا ؛ لأن حرف الجر يعدي ، وكل فعل يعمل في الفاعل بغير معد ، و ( نبأ المرسلين ) : بمعنى إنبائهم ، ويدل على ذلك قوله تعالى : (  نقص عليك من أنباء الرسل      ) [ هود : 120 ] .  

 
				
 
						 
						

 
					 
					