[ ص: 322 ] النوع الرابع والثلاثون .  
في كيفية تحمله .  
اعلم أن  حفظ القرآن   فرض كفاية على الأمة ; صرح به  الجرجاني  في الشافي  والعبادي  وغيرهما .  
قال  الجويني     : والمعنى فيه ألا ينقطع عدد التواتر فيه ، فلا يتطرق إليه التبديل والتحريف ، فإن قام بذلك قوم يبلغون هذا العدد سقط عن الباقين ، وإلا أثم الكل .  
وتعليمه - أيضا - فرض كفاية ، وهو أفضل القرب ففي الصحيح :  خيركم من تعلم القرآن وعلمه     .  
وأوجه التحمل عند أهل الحديث      : السماع من لفظ الشيخ ، والقراءة عليه ، والسماع عليه بقراءة غيره ، والمناولة والإجازة والمكاتبة والوصية والإعلام ، والوجادة . فأما غير الأولين فلا يأتي هنا ، لما يعلم مما سنذكره .  
وأما القراءة على الشيخ : فهي المستعملة سلفا وخلفا .  
وأما  السماع من لفظ الشيخ      : فيحتمل أن يقال به هنا ; لأن الصحابة - رضي الله عنهم - إنما أخذوا القرآن من النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن لم يأخذ به أحد من القراء ، والمنع فيه ظاهر ; لأن المقصود هنا كيفية الأداء ، وليس كل من سمع من لفظ الشيخ يقدر على الأداء كهيئته ، بخلاف الحديث ، فإن المقصود فيه المعنى أو اللفظ لا بالهيئات المعتبرة في أداء القرآن ، وأما الصحابة فكانت فصاحتهم وطباعهم السليمة تقتضي قدرتهم على الأداء ، كما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم لأنه نزل بلغتهم .  
ومما يدل للقراءة على الشيخ عرض النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن على  جبريل   في رمضان كل عام .  
 [ ص: 323 ] ويحكى : أن  الشيخ شمس الدين بن الجزري  لما قدم  القاهرة   وازدحمت عليه الخلق ، لم يتسع وقته لقراءة الجميع ، فكان يقرأ عليهم الآية ، ثم يعيدونها عليه دفعة واحدة فلم يكتف بقراءته .  
وتجوز القراءة على الشيخ ; ولو كان غيره يقرأ عليه في تلك الحالة ، إذا كان بحيث لا يخفى عليه حالهم وقد كان الشيخ   علم الدين السخاوي  يقرأ عليه اثنان وثلاثة في أماكن مختلفة ، ويرد على كل منهم ، وكذا لو كان الشيخ مشتغلا بشغل آخر كنسخ ومطالعة .  
وأما القراءة من الحفظ : فالظاهر أنها ليست بشرط ، بل يكفي ولو من المصحف .  

 
				
 
						 
						

 
					 
					