[ ص: 127 ] سورة آل عمران 
( وهي السورة الثالثة وآياتها مائتان ) نزلت هذه السورة في المدينة  وآياتها مائتان باتفاق العادين ، ولكنهم اختلفوا في مواضع عدها بعضهم دون بعض ، منها ( الم ) أول السورة عدت في الكوفي آية ( والإنجيل ) الأولى لم تعد في الشامي وهو الظاهر . 
الاتصال بين هذه السورة وما قبلها  من وجوه : 
فمنها أن كلا منهما بدئ بذكر الكتاب وشأن الناس في الاهتداء ، ففي السورة الأولى ذكر أصناف الناس من يؤمن به ومن لا يؤمن والمناسب في ذلك التقديم ؛ لأنه كلام في أصل الدعوة ، وفي الثانية ذكر الزائغين الذين يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ، والراسخين في العلم الذين يؤمنون بمحكمه ومتشابهه ، ويقولون : كل من عند ربنا ، والمناسب فيه التأخير ؛ لأنه فيما وقع بعد انتشار الدعوة . 
( ومنها ) أن كلا منهما قد حاج أهل الكتاب ، ولكن الأولى أفاضت في محاجة اليهود  واختصرت في محاجة النصارى  ، والثانية بالعكس ، والنصارى  متأخرون عن اليهود  في الوجود وفي الخطاب بالدعوة إلى الإسلام . فناسب أن تكون الإفاضة في محاجتهم في السورة الثانية . 
( ومنها ) ما في الأولى من التذكير بخلق آدم  ، وفي الثانية من التذكير بخلق عيسى  ، وتشبيه الثاني بالأول في كونه جاء بديعا على غير سنة سابقة في الخلق . وذلك يقتضي أن يذكر كل منهما في السورة التي ذكر فيها . 
( ومنها ) أن في كل منهما أحكاما مشتركة كأحكام القتال . ومن قابل بين هذه الأحكام رأى أن ما في الأولى أحق بالتقديم وما في الثانية أجدر بالتأخير . 
( ومنها ) الدعاء في آخر كل منهما ، فالدعاء في الأولى يناسب بدء الدين ؛ لأن معظمه فيما يتعلق بالتكليف وطلب النصر على جاحدي الدعوة ومحاربي أهلها . وفي الثانية يناسب ما بعد ذلك ؛ لأنه يتضمن الكلام في قبول الدعوة وطلب الجزاء عليه في الآخرة . ( ومنها ) ما قاله بعضهم من ختم الثانية بما يناسب بدء الأولى كأنها متممة لها ; ذلك أنه بدأ الأولى بإثبات الفلاح للمتقين . وختم الثانية بقوله : واتقوا الله لعلكم تفلحون    [ 3 : 130 

 
				
 
						 
						

 
					 
					