الفرع الثامن : اعلم أنه قد دل النص الصحيح ، على أن من نذر أن يسافر إلى مسجد ليصلي فيه  كمسجد البصرة  ، أو الكوفة  أو نحو ذلك : لا يلزمه السفر إلى مسجد من تلك المساجد ، وليصل الصلاة التي نذرها به في موضعه الذي هو به ، والنص الصحيح المذكور هو حديث : " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام  ومسجدي هذا ومسجد بيت المقدس    " ، والجاري على الأصول : أنه لا يخرج من هذا الحصر الذي صرح به النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث الصحيح ، إلا ما أخرجه نص صحيح يجب الرجوع إليه من كتاب أو سنة . والأظهر أن من نذر السفر لصلاة في مسجد إيلياء  ، وصلاها في مسجد مكة   أو المدينة  أجزأته ، لأنهما أفضل منه . 
وقد قال أبو داود    : حدثنا  موسى بن إسماعيل  ثنا حماد  أخبرنا  حبيب المعلم  ، عن   [ ص: 253 ]  عطاء بن أبي رباح  ، عن  جابر بن عبد الله    : أن رجلا قام يوم الفتح فقال : يا رسول الله إني نذرت إن فتح الله عليك مكة  أن أصلي في بيت المقدس  ركعتين قال : " صل ههنا ثم أعاد عليه ، فقال : صل ههنا ثم أعاد عليه ، فقال : شأنك إذا   " قال أبو داود    : وروي نحوه عن  عبد الرحمن بن عوف  ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وفي لفظ لأبي داود  عن  عمر بن عبد الرحمن بن عوف  ، عن رجال من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : " والذي بعث محمدا  بالحق لو صليت هنا لأجزأ عنك صلاة في بيت المقدس    " اهـ ، والعلم عند الله تعالى . 
ولنكتف بما ذكر هنا من مسائل النذر لكثرة ما كتبنا في آيات سورة الحج من الأحكام الشرعية وأقوال أهل العلم فيها ، والنذر باب مذكور في كتب الفروع ، فمن أراد الإحاطة بجميع مسائله ، فلينظرها في كتب فروع المذاهب الأربعة ، وقد ذكرنا هنا عيون مسائله المهمة ، والعلم عند الله تعالى . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					