فصل 
في إيراد الحديث الدال على أنه ، عليه الصلاة والسلام ، خطب بمكان بين مكة  والمدينة  مرجعه من حجة الوداع قريب من الجحفة ،  يقال له : غدير خم    . فبين فيها فضل علي بن أبي طالب  ، وبراءة عرضه مما كان تكلم فيه بعض من كان معه بأرض اليمن ،  بسبب ما كان صدر منه إليهم من المعدلة التي ظنها بعضهم جورا وتضييقا وبخلا ، والصواب كان معه في ذلك ، ولهذا لما   [ ص: 666 ] تفرغ ، عليه الصلاة والسلام ، من بيان المناسك ورجع إلى المدينة  بين ذلك في أثناء الطريق ، فخطب خطبة عظيمة في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة عامئذ ، وكان يوم الأحد بغدير خم  تحت شجرة هناك ، فبين فيها أشياء ، وذكر من فضل علي وأمانته وعدله  وقربه إليه ، ما أزاح به ما كان في نفوس كثير من الناس منه ، ونحن نورد عيون الأحاديث الواردة في ذلك ، ونبين ما فيها من صحيح وضعيف بحول الله وقوته وعونه ، وقد اعتنى بأمر هذا الحديث  أبو جعفر محمد بن جرير الطبري  صاحب " التفسير " و " التاريخ " ، فجمع فيه مجلدين أورد فيهما طرقه وألفاظه ، وساق الغث والسمين ، والصحيح والسقيم ، على ما جرت به عادة كثير من المحدثين ، يوردون ما وقع لهم في ذلك الباب من غير تمييز بين صحيحه وضعيفه ، وكذلك  الحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر  أورد أحاديث كثيرة في هذه الخطبة ، ونحن نورد عيون ما روي في ذلك ، مع إعلامنا أنه لا حظ للشيعة  فيه ، ولا متمسك لهم ولا دليل ، لما سنبينه وننبه عليه ، فنقول وبالله المستعان : 
قال محمد بن إسحاق  في سياق حجة الوداع : حدثني يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة  ، عن يزيد بن طلحة بن يزيد بن ركانة  قال : لما أقبل علي من اليمن  ليلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ،  تعجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستخلف على جنده الذين معه رجلا من أصحابه ، فعمد ذلك الرجل فكسا كل رجل من القوم حلة من البز الذي كان مع علي  ، فلما دنا جيشه خرج ليلقاهم ، فإذا عليهم الحلل ، قال ويلك ! ما هذا ؟ قال : كسوت القوم ; ليتجملوا به إذا قدموا في الناس . قال : ويلك ! انزع قبل أن تنتهي به إلى رسول   [ ص: 667 ] الله صلى الله عليه وسلم . قال : فانتزع الحلل من الناس ، فردها في البز . قال : وأظهر الجيش شكواه لما صنع بهم . 
قال ابن إسحاق  فحدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم  ، عن سليمان بن محمد بن كعب بن عجرة  ، عن عمته زينب بنت كعب    - وكانت عند  أبي سعيد الخدري    - عن أبي سعيد  قال : اشتكى الناس عليا  ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيبا ، فسمعته يقول : " أيها الناس ، لا تشكو عليا  ، فوالله إنه لأخشن في ذات الله - أو في سبيل الله - من أن يشكى " . ورواه الإمام أحمد  ، من حديث محمد بن إسحاق  به ، وقال : " إنه لأخشن في ذات الله ، أو في سبيل الله   " . 
وقال الإمام أحمد    : حدثنا  الفضل بن دكين  ، ثنا ابن أبي غنية  ، عن الحكم  ، عن سعيد بن جبير  ، عن ابن عباس  ، عن بريدة  قال : غزوت مع علي  اليمن  فرأيت منه جفوة ، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت عليا  فتنقصته ، فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير ، فقال : " يا بريدة  ، ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ " قلت : بلى يا رسول الله . قال : " من كنت مولاه فعلي مولاه    " . وكذا رواه  النسائي  عن أبي داود الحراني  ، عن  أبي نعيم الفضل بن دكين  عن   [ ص: 668 ] عبد الملك بن أبي غنية  بإسناده نحوه . وهذا إسناد جيد قوي رجاله كلهم ثقات . 
وقد روى  النسائي  في " سننه " عن  محمد بن المثنى  ، عن يحيى بن حماد  ، عن أبي عوانة  ، عن الأعمش  ، ، عن حبيب بن أبي ثابت  ، عن  أبي الطفيل  ، عن  زيد بن أرقم  قال : لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع ، ونزل غدير خم ،  أمر بدوحات فقممن ، ثم قال : " كأني قد دعيت فأجبت ، إني قد تركت فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " . ثم قال : " الله مولاي ، وأنا ولي كل مؤمن " . ثم أخذ بيد علي  فقال : " من كنت مولاه فهذا وليه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " . فقلت لزيد    : سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : ما كان في الدوحات أحد إلا رآه بعينيه وسمعه بأذنيه . تفرد به  النسائي  من هذا الوجه . قال شيخنا أبو عبد الله الذهبي    : وهذا حديث صحيح . 
وقال ابن ماجه    : حدثنا علي بن محمد  ، أنبأنا أبو الحسين  ، أنبأنا حماد بن   [ ص: 669 ] سلمة  ، عن  علي بن زيد بن جدعان  ، عن عدي بن ثابت  ، عن  البراء بن عازب  قال : أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته التي حج ، فنزل في بعض الطريق ، فأمر : الصلاة جامعة . فأخذ بيد علي  فقال : " ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ " قالوا : بلى . قال : " ألست أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ " قالوا : بلى . قال : " فهذا ولي من أنا مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " . وكذا رواه عبد الرزاق  ، عن معمر  ، عن  علي بن زيد بن جدعان  ، عن عدي  ، عن البراء    . 
وقال  الحافظ أبو يعلى الموصلي   والحسن بن سفيان    : ثنا هدبة  ، ثنا حماد بن سلمة  ، عن علي بن زيد  وأبي هارون  ، عن عدي بن ثابت  ، عن البراء  قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، فلما أتينا على غدير خم  كسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين ، ونودي في الناس : الصلاة جامعة . ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا  وأخذ بيده ، فأقامه عن يمينه فقال : " ألست أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ " قالوا : بلى . قال : " فهذا موالي من أنا مواليه ، ومولى من أنا مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " . فلقيه عمر بن الخطاب  فقال :   [ ص: 670 ] هنيئا لك ، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة . ورواه ابن جرير  ، عن أبي زرعة  ، عن موسى بن إسماعيل  ، عن حماد بن سلمة  عن علي بن زيد  ، وأبي هارون العبدي    - وكلاهما ضعيف - عن عدي بن ثابت  ، عن  البراء بن عازب  به . وروى ابن جرير  هذا الحديث من حديث موسى بن عثمان الحضرمي    - وهو ضعيف جدا - عن  أبي إسحاق السبيعي  ، عن البراء   وزيد بن أرقم    . فالله أعلم . 
وقال الإمام أحمد    : حدثنا ابن نمير  ، ثنا عبد الملك  ، عن أبي عبد الرحيم الكندي  ، عن  زاذان أبي عمر  ، قال : سمعت عليا  بالرحبة وهو ينشد الناس : من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم  وهو يقول ما قال ؟ قال : فقام اثنا عشر رجلا ، فشهدوا أنهم سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : " من كنت مولاه فعلي  مولاه " تفرد به أحمد    . وأبو عبد الرحيم  هذا لا يعرف . 
وقال  عبد الله بن الإمام أحمد  في مسند أبيه : حدثنا علي بن حكيم الأودي  ، أخبرنا شريك  ، عن أبي إسحاق  ، عن سعيد بن وهب  ، وعن زيد بن يثيع  ، قالا : نشد علي  الناس في الرحبة : من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم  إلا قام . قال : فقام من قبل سعيد  ستة ، ومن قبل زيد  ستة ، فشهدوا   [ ص: 671 ] أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي  يوم غدير خم    : " أليس الله أولى بالمؤمنين ؟ " قالوا : بلى . قال : " اللهم من كنت مولاه فعلي  مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " 
قال عبد الله    : وحدثني علي بن حكيم  ، أنا شريك  ، عن أبي إسحاق  ، عن عمرو ذي مر  بمثل حديث أبي إسحاق  ، يعني عن سعيد  وزيد  ، وزاد فيه :   " وانصر من نصره ، واخذل من خذله " . 
قال عبد الله    : وحدثنا علي  ، ثنا شريك  ، عن الأعمش  ، عن حبيب بن أبي ثابت  ، عن  أبي الطفيل  ، عن  زيد بن أرقم  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله . 
وقال  النسائي  في كتاب " خصائص علي    " : حدثنا الحسين بن حريث  ، ثنا الفضل بن موسى  ، عن الأعمش  ، عن أبي إسحاق  ، عن سعيد بن وهب  قال : قال علي  في الرحبة : أنشد بالله رجلا سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم  يقول : " إن الله وليي وأنا ولي المؤمنين ، ومن كنت وليه فهذا وليه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره " . وكذلك رواه شعبة  عن أبي إسحاق    . وهذا إسناد جيد . 
 [ ص: 672 ] ورواه  النسائي  أيضا من حديث إسرائيل  ، عن أبي إسحاق  ، عن عمرو ذي مر  قال : نشد علي  الناس بالرحبة ، فقام أناس فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم    " من كنت مولاه فإن عليا  مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وأحب من أحبه ، وأبغض من أبغضه ، وانصر من نصره " . ورواه ابن جرير  عن أحمد بن منصور  ، عن عبد الرزاق  ، عن إسرائيل  ، عن أبي إسحاق  ، عن سعيد بن وهب  ، وعبد خير  ، عن علي    . وقد رواه ابن جرير  عن أحمد بن منصور  ، عن  عبيد الله بن موسى  ، وهو شيعي ثقة ، عن فطر بن خليفة  ، عن أبي إسحاق  ، عن سعيد بن وهب  ، وزيد بن يثيع  ، وعمرو ذي مر  ، أن عليا  نشد الناس بالكوفة    . وذكر الحديث . 
وقال عبد الله بن أحمد    : حدثني عبيد الله بن عمر القواريري  ، ثنا يونس بن أرقم  ، ثنا  يزيد بن أبي زياد  ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى    : شهدت عليا  في الرحبة ينشد الناس ، فقال : أنشد الله من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم  يقول : " من كنت مولاه فعلي  مولاه " . لما قام فشهد . قال عبد الرحمن    : فقام   [ ص: 673 ] اثنا عشر بدريا ، كأني أنظر إلى أحدهم ، فقالوا : نشهد أنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم    : " ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وأزواجي أمهاتهم ؟ " فقلنا : بلى يا رسول الله . قال : " فمن كنت مولاه ، فعلي  مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " . إسناد ضعيف غريب . 
وقال عبد الله بن أحمد    : حدثنا أحمد بن عمر الوكيعي  ، ثنا  زيد بن الحباب  ، ثنا الوليد بن عقبة بن نزار العنسي  ، أنبأنا سماك بن عبيد بن الوليد العنسي  قال : دخلت على عبد الرحمن بن أبي ليلى  ، فحدثني أنه شهد عليا  في الرحبة قال : أنشد الله رجلا سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهده يوم غدير خم  إلا قام ، ولا يقوم إلا من قد رآه . فقام اثنا عشر رجلا ، فقالوا : قد رأيناه وسمعناه حيث أخذ بيده يقول : " اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله " . فقام إلا ثلاثة لم يقوموا ، فدعا عليهم فأصابتهم دعوته . وروي أيضا عن عبد الأعلى بن عامر الثعلبي  وغيره ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى  به . 
 [ ص: 674 ] وقال ابن جرير  ثنا أحمد بن منصور  ، ثنا  أبو عامر العقدي  ، ( ح ) وروى ابن أبي عاصم  ، عن سليمان الغيلاني  ، عن  أبي عامر العقدي  ، ثنا كثير بن زيد  ، حدثني محمد بن عمر بن علي  ، عن أبيه ، عن علي  ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حضر الشجرة بخم . فذكر الحديث ، وفيه : " من كنت مولاه فإن عليا  مولاه " وقد رواه بعضهم عن أبي عامر  ، عن كثير  ، عن محمد بن عمر بن علي  ، عن علي  منقطعا . 
وقال  إسماعيل بن عمرو البجلي    - وهو ضعيف - عن مسعر  ، عن طلحة بن مصرف  ، عن  عميرة بن سعد  ، أنه شهد عليا  على المنبر يناشد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سمع رسول الله يوم غدير خم ؟  فقام اثنا عشر رجلا منهم  أبو هريرة  ، وأبو سعيد  ،  وأنس بن مالك  ، فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من كنت مولاه فعلي  مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه " . وقد رواه  عبيد الله بن موسى  عن هانئ بن أيوب    - وهو ثقة - عن طلحة بن مصرف  به . 
وقال عبد الله بن أحمد    : حدثني حجاج بن الشاعر  ، ثنا شبابة  ، ثنا نعيم بن حكيم  ، حدثني أبو مريم  ورجل من جلساء علي  ، عن علي  ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم غدير خم    " من كنت مولاه فعلي  مولاه " . قال : فزاد الناس بعد : " وال من والاه ، وعاد من عاداه " روى أبو داود  بهذا السند حديث المخدج    . 
 [ ص: 675 ] وقال الإمام أحمد    : حدثنا حسين بن محمد  وأبو نعيم  المعنى قالا : ثنا فطر  ، عن  أبي الطفيل  قال : جمع علي الناس في الرحبة - يعني رحبة مسجد الكوفة    - فقال : أنشد الله كل من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم  ما سمع لما قام . فقام ثلاثون من الناس . وقال أبو نعيم    : فقام ناس كثير فشهدوا حين أخذ بيده ، فقال للناس : " أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ " قالوا : نعم يا رسول الله . قال : " من كنت مولاه فهذا مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " . قال : فخرجت كأن في نفسي شيئا ، فلقيت  زيد بن أرقم  ، فقلت له : إني سمعت عليا  يقول كذا وكذا . قال : فما تنكر ؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك له . هكذا ذكره الإمام أحمد  في مسند  زيد بن أرقم  ، رضي الله عنه . ورواه  النسائي  من حديث الأعمش  عن حبيب بن أبي ثابت  ، عن  أبي الطفيل  ، عن  زيد بن أرقم  به ، وقد تقدم . 
وأخرجه الترمذي  عن بندار  ، عن غندر  ، عن شعبة  عن سلمة بن كهيل  ، سمعت أبا الطفيل  يحدث عن أبي سريحة  أو  زيد بن أرقم    - شك شعبة    - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :   " من كنت مولاه فعلي  مولاه " . ورواه ابن جرير  عن أحمد بن حازم  ، عن أبي نعيم  ، عن كامل أبي العلاء  ، عن حبيب بن أبي ثابت  ، عن   [ ص: 676 ] يحيى بن جعدة  ، عن  زيد بن أرقم    . 
وقال الإمام أحمد    : حدثنا عفان  ، ثنا أبو عوانة  ، عن المغيرة  ، عن أبي عبيد  ، عن ميمون أبي عبد الله  قال : قال  زيد بن أرقم  وأنا أسمع : نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلا يقال له : وادي خم    . فأمر بالصلاة فصلاها بهجير . قال : فخطبنا وظلل لرسول الله صلى الله عليه وسلم بثوب على شجرة سمر من الشمس فقال : " ألستم تعلمون - أو : ألستم تشهدون - أني أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ " قالوا : بلى . قال : " فمن كنت مولاه فإن عليا  مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " ثم رواه أحمد  عن غندر  ، عن شعبة  ، عن ميمون أبي عبد الله  ، عن  زيد بن أرقم  ، إلى قوله : " من كنت مولاه فعلي  مولاه " . قال ميمون    : حدثني بعض القوم عن زيد  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :   " اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " . وهذا إسناد جيد رجاله ثقات على شرط السنن ، وقد صحح الترمذي  بهذا السند حديثا في الزيت . 
وقال الإمام أحمد    : ثنا  يحيى بن آدم  ، ثنا حنش بن الحارث بن لقيط الأشجعي  ، عن رياح بن الحارث  قال : جاء رهط إلى علي  بالرحبة فقالوا :   [ ص: 677 ] السلام عليك يا مولانا . قال : كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب ؟! قالوا : سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم  يقول : " من كنت مولاه فهذا مولاه " . قال رياح    : فلما مضوا تبعتهم فسألت : من هؤلاء ؟ قالوا : نفر من الأنصار فيهم  أبو أيوب الأنصاري    . 
وقال الإمام أحمد    : ثنا أبو أحمد  ، ثنا حنش  ، عن رياح بن الحارث  ، قال : رأيت قوما من الأنصار قدموا على علي  في الرحبة ، فقال : من القوم ؟ فقالوا : مواليك يا أمير المؤمنين . فذكر معناه هذا لفظه وهو من أفراده . 
وقال ابن جرير  ثنا أحمد بن عثمان أبو الجوزاء  ، ثنا محمد بن خالد بن عثمة  ، ثنا موسى بن يعقوب الزمعي    - وهو صدوق - حدثني مهاجر بن مسمار  ، عن عائشة بنت سعد ،  سمعت أباها يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم الجحفة ، وأخذ بيد علي  فخطب فحمد الله وأثنى ، ثم قال : " أيها الناس ، إني وليكم " . قالوا : صدقت . فرفع يد علي  فقال : " هذا وليي والمؤدي عني ، وإن الله موالي من والاه ، ومعادي من عاداه " . قال شيخنا الذهبي    : وهذا حديث حسن غريب . ثم رواه ابن جرير  من حديث يعقوب بن جعفر بن أبي كثير  ، عن مهاجر بن مسمار  ، فذكر الحديث ، وأنه ، عليه الصلاة والسلام ، وقف حتى لحقه من بعده ، وأمر برد من كان تقدم ، فخطبهم . الحديث . 
 [ ص: 678 ] وقال أبو جعفر بن جرير الطبري  في الجزء الأول من كتاب " غدير خم    " - قال شيخنا أبو عبد الله الذهبي    : وجدته في نسخة مكتوبة عن ابن جرير    - : حدثنا محمد بن عوف الطائي  ، ثنا  عبيد الله بن موسى  ، أنبأنا إسماعيل بن نشيط  ، عن جميل بن عمارة  ، عن  سالم بن عبد الله بن عمر    - قال ابن جرير  أحسبه قال : عن عمر .  وليس في كتابي - : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد علي    : " من كنت مولاه فهذا مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " وهذا حديث غريب ، بل منكر ، وإسناده ضعيف . قال  البخاري  في جميل بن عمارة  هذا : فيه نظر . 
وقال المطلب بن زياد  عن  عبد الله بن محمد بن عقيل  ، سمع  جابر بن عبد الله  يقول : كنا بالجحفة بغدير خم ،  فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من خباء  أو فسطاط ،  فأخذ بيد علي  ، فقال : " من كنت مولاه فعلي مولاه " . قال شيخنا الذهبي    : هذا حديث حسن . وقد رواه ابن لهيعة  عن بكر بن سوادة  وغيره ، عن  أبي سلمة بن عبد الرحمن  ، عن جابر  بنحوه . 
وقال الإمام أحمد    : حدثنا  يحيى بن آدم  وابن أبي بكير  ، قالا : ثنا إسرائيل  ، عن أبي إسحاق  ، عن حبشي بن جنادة    - قال  يحيى بن آدم  وكان قد شهد   [ ص: 679 ] حجة الوداع - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " علي  مني وأنا منه ، ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي    " . وقال ابن أبي بكير    :   " لا يقضي عني ديني إلا أنا أو علي    " . وكذا رواه أحمد  أيضا ، عن  أبي أحمد الزبيري  ، عن إسرائيل    . 
قال الإمام أحمد    : وحدثناه الزبيري  ، ثنا شريك  ، عن أبي إسحاق  ، عن حبشي بن جنادة  مثله . قال : فقلت لأبي إسحاق    : أين سمعت منه ؟ قال : وقف علينا على فرس له في مجلسنا في جبانة السبيع . وكذا رواه أحمد  عن أسود بن عامر  ، ويحيى بن آدم  ، عن شريك    . ورواه الترمذي  عن إسماعيل بن موسى  ، عن شريك  ،  وابن ماجه  ، عن أبي بكر بن أبي شيبة  ،  وسويد بن سعيد  ، وإسماعيل بن موسى  ، ثلاثتهم عن شريك  به . ورواه  النسائي  عن أحمد بن سليمان  ، عن  يحيى بن آدم  ، عن إسرائيل  به . وقال الترمذي    : حسن صحيح غريب . 
ورواه سليمان بن قرم    - وهو متروك - عن أبي إسحاق  ، عن حبشي بن جنادة  ، سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم    " من كنت مولاه فعلي  مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " . وذكر الحديث . 
 [ ص: 680 ] وقال  الحافظ أبو يعلى الموصلي    : ثنا أبو بكر بن أبي شيبة  ، أنبأنا شريك  ، عن أبي يزيد الأودي  ، عن أبيه قال : دخل  أبو هريرة  المسجد فاجتمع الناس إليه ، فقام إليه شاب فقال : أنشدك بالله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من كنت مولاه فعلي  مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " ؟ قال : نعم . ورواه ابن جرير  عن أبي كريب  ، عن شاذان  ، عن شريك  به . تابعه إدريس الأودي  ، عن أخيه أبي يزيد    - واسمه داود بن يزيد    - به . ورواه ابن جرير  أيضا من حديث إدريس  وداود  ، عن أبيهما ، عن  أبي هريرة  ، فذكره . 
فأما الحديث الذي رواه ضمرة  عن ابن شوذب  ، عن  مطر الوراق  ، عن  شهر بن حوشب  ، عن  أبي هريرة  قال : لما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد علي  قال : " من كنت مولاه فعلي  مولاه " . فأنزل الله عز وجل : " اليوم أكملت لكم دينكم    " ( المائدة : 3 ) . قال  أبو هريرة    : وهو يوم غدير خم ،  من صام يوم ثمان عشرة من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا . فإنه حديث منكر جدا ، بل كذب ; لمخالفته لما ثبت في " الصحيحين " عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب  أن هذه الآية نزلت في يوم الجمعة يوم عرفة  ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف بها كما قدمنا . وكذا قوله أن صيام يوم الثامن عشر من ذي الحجة وهو يوم   [ ص: 681 ] غدير خم  يعدل صيام ستين شهرا لا يصح ; لأنه قد ثبت ما معناه في " الصحيح " أن صيام شهر رمضان بعشرة أشهر فكيف يكون صيام يوم واحد يعدل ستين شهرا ؟! هذا باطل . وقد قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي  بعد إيراده هذا الحديث : هذا حديث منكر جدا ورواه  حبشون الخلال  ، وأحمد بن عبد الله بن أحمد النيري    - وهما صدوقان - عن علي بن سعيد الرملي  ، عن ضمرة    . قال : ويروى هذا الحديث من حديث عمر بن الخطاب  ومالك بن الحويرث   وأنس بن مالك  وأبي سعيد  وغيرهم بأسانيد واهية . قال وصدر الحديث متواتر ، أتيقن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله وأما :   " اللهم وال من والاه " . فزيادة قوية الإسناد وأما هذا الصوم فليس بصحيح ; ولا والله ما نزلت هذه الآية إلا يوم عرفة  قبل غدير خم  بأيام . والله تعالى أعلم . 
وقال  الطبراني    : حدثنا علي بن إسحاق الوزير الأصبهاني  ، حدثنا محمد بن عمر بن علي المقدمي  ، حدثنا علي بن محمد بن يوسف بن سنان بن مالك بن مسمع  ، حدثنا سهل بن يوسف بن سهل بن مالك أخي كعب بن مالك  ، عن أبيه عن ، جده قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة  من حجة   [ ص: 682 ] الوداع صعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : " يا أيها الناس ، إن أبا بكر  لم يسؤني قط ، فاعرفوا ذلك له ، يا أيها الناس ، إني عن أبي بكر  وعمر  وعثمان  وعلي  وطلحة  والزبير  وسعد   وعبد الرحمن بن عوف  والمهاجرين الأولين ، راض فاعرفوا ذلك لهم ، أيها الناس ، احفظوني في أصحابي وأصهاري وأختاني لا يطلبنكم الله بمظلمة أحد منهم  ، أيها الناس ، ارفعوا ألسنتكم عن المسلمين وإذا مات أحد منهم فقولوا فيه خيرا " . 


						
						
