( اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين    ( 106 ) ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل    ( 107 ) ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون    ( 108 ) ) 
( اتبع ما أوحي إليك من ربك     ) يعني : القرآن اعمل به ، ( لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين    ) فلا تجادلهم .   [ ص: 176 ] 
( ولو شاء الله ما أشركوا    ) أي : لو شاء لجعلهم مؤمنين ، ( وما جعلناك عليهم حفيظا    ) رقيبا قال عطاء    : وما جعلناك عليهم حفيظا  تمنعهم مني ، أي : لم تبعث لتحفظ المشركين عن العذاب إنما بعثت مبلغا   . ( وما أنت عليهم بوكيل    ) 
قوله عز وجل : ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله     ) الآية قال ابن عباس    : لما نزلت " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم    " ( الأنبياء ، 98 ) قال المشركون : يا محمد  لتنتهين عن سب آلهتنا أو لنهجون ربك ، فنهاهم الله تعالى أن يسبوا أوثانهم . 
وقال قتادة    : كان المسلمون يسبون أصنام الكفار  ، فنهاهم الله عز وجل عن ذلك ، لئلا يسبوا الله فإنهم قوم جهلة . 
وقال  السدي    : لما حضرت أبا طالب  الوفاة قالت قريش    : انطلقوا فلندخل على هذا الرجل فلنأمرنه أن ينهى عنا ابن أخيه فإنا نستحي أن نقتله بعد موته ، فتقول العرب    : كان يمنعه عمه فلما مات قتلوه . فانطلق أبو سفيان  وأبو جهل  والنضر بن الحارث  وأمية  وأبي  ابنا خلف وعقبة [ بن أبي معيط   وعمرو بن العاص  ، والأسود بن ] البختري  إلى أبي طالب ،  فقالوا : يا أبا طالب  أنت كبيرنا وسيدنا وإن محمدا  قد آذانا وآلهتنا ، فنحب أن تدعوه فتنهاه عن ذكر آلهتنا ، ولندعنه وإلهه ، فدعاه فقال : هؤلاء قومك يقولون نريد أن تدعنا وآلهتنا وندعك وإلهك ، فقد أنصفك قومك فاقبل منهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أرأيتم إن أعطيتكم هذا هل أنتم معطي كلمة إن تكلمتم بها ملكتم العرب  ودانت لكم بها العجم؟ " قال أبو جهل    : نعم وأبيك لنعطينكها وعشرة أمثالها ، فما هي؟ قال : " قولوا لا إله إلا الله " فأبوا ونفروا ، فقال أبو طالب    : قل غيرها يا ابن أخي ، فقال : يا عم ما أنا بالذي أقول غيرها ولو أتوني بالشمس فوضعوها في يدي ، فقالوا : لتكفن عن شتمك آلهتنا أو لنشتمنك ولنشتمن من يأمرك ، فأنزل الله عز وجل : ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله    ) يعني الأوثان ، ( فيسبوا الله عدوا    ) أي : اعتداء وظلما ، ( بغير علم    ) 
وقرأ يعقوب    " عدوا " بضم العين والدال وتشديد الواو ، فلما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " لا تسبوا ربكم " ، فأمسك المسلمون عن سب آلهتهم   . 
فظاهر الآية ، وإن كان نهيا عن سب الأصنام ، فحقيقته النهي عن سب الله ، لأنه سبب لذلك .   [ ص: 177 ] 
( كذلك زينا لكل أمة عملهم    ) [ أي : كما زينا لهؤلاء المشركين عبادة الأوثان وطاعة الشيطان بالحرمان والخذلان ، كذلك زينا لكل أمة عملهم ] من الخير والشر والطاعة والمعصية ، ( ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم    ) ويجازيهم ، ( بما كانوا يعملون    ) . 


						
						
