( ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد     ( 9 ) ) 
( إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار    ( 10 ) كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب    ( 11 ) قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد    ( 12 ) ) 
قوله تعالى : ( ربنا إنك جامع الناس ليوم    ) أي لقضاء يوم ، وقيل : اللام بمعنى في ، أي في يوم ( لا ريب فيه ) أي لا شك فيه ، وهو يوم القيامة ( إن الله لا يخلف الميعاد    ) مفعال من الوعد 
قوله تعالى : ( إن الذين كفروا لن تغني    ) لن تنفع ولن تدفع ( عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله    ) قال الكلبي    : من عذاب الله ، وقال أبو عبيدة  من بمعنى عند ، أي عند الله ( شيئا وأولئك هم وقود النار    ) 
( كدأب آل فرعون ) قال ابن عباس  رضي الله عنهما وعكرمة  ومجاهد    : كفعل آل فرعون  وصنيعهم في الكفر والتكذيب ، وقال عطاء   والكسائي  وأبو عبيدة    : كسنة آل فرعون ،  وقال الأخفش    : كأمر آل فرعون  وشأنهم ، وقال النضر بن شميل    : كعادة آل فرعون ،  يريد عادة هؤلاء الكفار في تكذيب الرسول وجحود الحق كعادة آل فرعون ، ( والذين من قبلهم ) كفار الأمم الماضية؛ مثل عاد  وثمود  وغيرهم ( كذبوا بآياتنا فأخذهم الله    ) فعاقبهم الله ( بذنوبهم ) وقيل نظم الآية : ( إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم    ) عند حلول النقمة والعقوبة  مثل آل فرعون  وكفار الأمم الخالية أخذناهم فلن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم ( والله شديد العقاب    ) . 
قوله تعالى : ( قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم     ) قرأ حمزة   والكسائي  بالياء فيهما ، أي أنهم يغلبون ويحشرون ، وقرأ الآخرون بالتاء فيهما ، على الخطاب ، أي : قل لهم : إنكم ستغلبون وتحشرون قال مقاتل    : أراد مشركي مكة  معناه : قل لكفار مكة    : ستغلبون يوم بدر وتحشرون إلى جهنم في الآخرة ،   [ ص: 13 ] فلما نزلت هذه الآية قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر    " إن الله غالبكم وحاشركم إلى جهنم "   . 
وقال بعضهم المراد بهذه الآية : اليهود ،  وقال الكلبي  عن أبي صالح  عن ابن عباس  رضي الله عنهما : إن يهود أهل المدينة  قالوا لما هزم رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين يوم بدر    : هذا - والله - النبي الذي بشرنا به موسى  لا ترد له راية ، وأرادوا اتباعه ، ثم قال بعضهم لبعض : لا تعجلوا حتى تنظروا إلى وقعة أخرى ، فلما كان يوم أحد  ونكب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم شكوا فغلب عليهم الشقاء ، فلم يسلموا ، وقد كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلى مدة فنقضوا ذلك العهد وانطلق كعب بن الأشرف  في ستين راكبا إلى مكة  ليستفزهم ، فأجمعوا أمرهم على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية  . 
وقال محمد بن إسحاق  عن رجاله ورواه سعيد بن جبير  وعكرمة  عن ابن عباس  رضي الله عنهما أيضا : أنه لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا ببدر ورجع إلى المدينة جمع اليهود  في سوق بني قينقاع  وقال : " يا معشر اليهود  احذروا من الله مثل ما نزل بقريش  يوم بدر وأسلموا قبل أن ينزل بكم مثل ما نزل بهم فقد عرفتم أني نبي مرسل تجدون ذلك في كتابكم " فقالوا : يا محمد  لا يغرنك أنك لقيت قوما أغمارا لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة وإنا والله لو قاتلناك لعرفت أنا نحن الناس ، فأنزل الله تعالى ( قل للذين كفروا ستغلبون    ) تهزمون ( وتحشرون ) في الآخرة ( إلى جهنم ) ( وبئس المهاد    ) الفراش ، أي بئس ما مهد لهم يعني النار 


						
						
