( ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما     ( 22 ) من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا    ( 23 ) ) 
ثم وصف حال المؤمنين عند لقاء الأحزاب  فقال : ( ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا    ) تسليما لأمر الله وتصديقا لوعده : ( هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله    ) وعد الله إياهم ما ذكر في سورة البقرة : " أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم    " إلى قوله : " ألا إن نصر الله قريب    " ( البقرة - 214 ) ، فالآية تتضمن أن المؤمنين يلحقهم مثل ذلك البلاء ، فلما رأوا الأحزاب وما أصابهم من الشدة قالوا : هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله ( وما زادهم إلا إيمانا وتسليما    ) أي : تصديقا لله وتسليما لأمر الله . قوله - عز وجل - : ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه     ) أي : قاموا بما عاهدوا الله عليه ووفوا به ( فمنهم من قضى نحبه    ) أي : فرغ من نذره ، ووفى بعهده ، فصبر على الجهاد حتى استشهد ، والنحب : النذر ، والنحب : الموت أيضا ، قالمقاتل    : " قضى نحبه " ، يعني : أجله فقتل على الوفاء ، يعني حمزة  وأصحابه . وقيل : " قضى نحبه " أي : بذل جهده في الوفاء بالعهد من قول العرب : نحب فلان في سيره يومه وليلته ، إذا مد فلم ينزل ( ومنهم من ينتظر    ) الشهادة .   [ ص: 337 ] 
وقال محمد بن إسحاق    : " فمنهم من قضى نحبه " من استشهد يوم بدر  وأحد    " ومنهم من ينتظر " يعني : من بقي بعد هؤلاء من المؤمنين ينتظرون أحد الأمرين; إما الشهادة أو النصر ) ( وما بدلوا ) عهدهم ) ( تبديلا ) 
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي  ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي  ، أخبرنا محمد بن يوسف  ، أخبرنا  محمد بن إسماعيل  ، أخبرنا محمد بن سعيد الخزاعي  ، أخبرنا عبد الأعلى  ، عن حميد  قال : سألت أنسا  ح وحدثني عمرو بن زرارة  ، أخبرنا زياد  ، حدثني حميد الطويل  ، عن أنس  قال : غاب عمي أنس بن النضر   عن قتال بدر  ، فقال : يا رسول الله غبت عن أول قتال قاتلت المشركين ، لئن أشهدني الله قتال المشركين ليرين الله ما أصنع ، فلما كان يوم أحد  وانكشف المسلمون قال : اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء - يعني أصحابه - وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء - يعني المشركين - ثم تقدم فاستقبله  سعد بن معاذ  ، فقال : يا  سعد بن معاذ  الجنة ورب النضر  إني أجد ريحها من دون أحد ، قال سعد    : فما استطعت يا رسول الله ما صنع ، قال أنس  فوجدنا به بضعا وثمانين ضربة بالسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم ، ووجدناه قد قتل وقد مثل به المشركون ، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه ، قال أنس    : كنا نظن أو نرى أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه : ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه    ) إلى آخر الآية   . 
أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي  ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري  ، أخبرنا حاجب بن أحمد الطوسي  ، أخبرنا محمد بن حماد  ، أخبرنا معاوية  ، عن الأعمش  ، عن سفيان عن شقيق  ، عن  خباب بن الأرت  قال : هاجرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سبيل الله نبتغي وجه الله فوجب أجرنا على الله ، فمنا من مضى لم يأكل من أجره شيئا ، منهم  مصعب بن عمير   ، قتل يوم أحد  ، فلم يوجد له شيء يكفن فيه إلا نمرة ، فكنا إذا وضعناها على رأسه خرجت رجلاه ، وإذا وضعناه على رجليه خرج رأسه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ضعوها مما يلي رأسه واجعلوا على رجليه من الإذخر ، قال : ومن أينعت له ثمرته فهو يهد بها   " . 
أخبرنا أبو المظفر محمد بن أحمد التيمي  ، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان المعروف بابن أبي نصر  ، أخبرنا خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي  ، أخبرنا محمد بن سليمان الجوهري   [ ص: 338 ] بأنطاكية ، أخبرنا مسلم بن إبراهيم  ، أخبرنا الصلت بن دينار  ، عن أبي نصرة  ، عن  جابر بن عبد الله  قال : نظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى طلحة بن عبد الله   فقال : " من أحب أن ينظر إلى رجل يمشي على وجه الأرض وقد قضى نحبه فلينظر إلى هذا   " . 
أخبرنا عبد الواحد المليحي  ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي  ، أخبرنا محمد بن يوسف  ، أخبرنا  محمد بن إسماعيل  ، أخبرنا  عبد الله بن أبي شيبة  ، أخبرنا وكيع بن إسماعيل  ، عن قيس  قال : رأيت يد طلحة شلاء وقى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد   . 


						
						
