القول في تأويل قوله تعالى ( فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه    ) 
قال أبو جعفر   : يعني بذلك - جل ثناؤه - : فإن كان المدين أمينا عند رب المال والدين فلم يرتهن منه في سفره رهنا بدينه لأمانته عنده على ماله وثقته " فليتق الله " المدين " ربه " يقول : فليخف الله ربه في الذي عليه من دين صاحبه أن يجحده ، أو يلط دونه ، أو يحاول الذهاب به ، فيتعرض من عقوبة الله لما لا قبل له ، به وليؤد دينه الذي ائتمنه عليه إليه . 
وقد ذكرنا قول من قال : " هذا الحكم من الله - عز وجل - ناسخ الأحكام التي  [ ص: 98 ] في الآية قبلها : من أمر الله - عز وجل - بالشهود والكتاب " . وقد دللنا على أولى ذلك بالصواب من القول فيه ، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع . وقد : - 
6443 - حدثني يحيى بن أبي طالب  قال أخبرنا يزيد  قال أخبرنا جويبر  عن الضحاك  في قوله : " فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته   " إنما يعني بذلك : في السفر ، فأما الحضر فلا وهو واجد كاتبا ، فليس له أن يرتهن ولا يأمن بعضهم بعضا . 
قال أبو جعفر   : وهذا الذي قاله الضحاك  من أنه ليس لرب الدين ائتمان المدين وهو واجد إلى الكاتب والكتاب والإشهاد عليه سبيلا وإن كانا في سفر ، فكما قال لما قد دللنا على صحته فيما مضى قبل . 
وأما ما قاله من أن الأمر في الرهن أيضا كذلك ، مثل الائتمان : في أنه ليس لرب الحق الارتهان بماله إذا وجد إلى الكاتب والشهيد سبيلا في حضر أو سفر فإنه قول لا معنى له ، لصحة الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : - 
6444 - أنه اشترى طعاما نساء ، ورهن به درعا له  . 
فجائز للرجل أن يرهن بما عليه ،  ويرتهن بماله من حق في السفر والحضر - لصحة الخبر بما ذكرنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأن معلوما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن - حين رهن من ذكرنا - غير واجد كاتبا ولا شهيدا ، لأنه لم يكن متعذرا عليه بمدينته في وقت من الأوقات الكاتب والشاهد ، غير أنهما إذا تبايعا برهن ، فالواجب عليهما إذا وجدا سبيلا إلى كاتب وشهيد ، أو كان البيع  [ ص: 99 ] أو الدين إلى أجل مسمى أن يكتبا ذلك ويشهدا على المال والرهن . وإنما يجوز ترك الكتاب والإشهاد في ذلك ، حيث لا يكون لهما إلى ذلك سبيل . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					