القول في تأويل قوله تعالى : ( ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا    ( 6 ) ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عزيزا حكيما    ( 7 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد   - صلى الله عليه وسلم - : إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ، وليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار ، وليعذب المنافقين والمنافقات ، بفتح الله لك يا محمد  ، ما فتح لك من نصرك على مشركي قريش  ، فيكبتوا لذلك ويحزنوا ، ويخيب رجاؤهم الذي كانوا يرجون من رؤيتهم في أهل الإيمان بك من الضعف والوهن والتولي عنك في عاجل الدنيا ، وصلي النار والخلود فيها في آجل الآخرة ( والمشركين والمشركات   ) يقول : وليعذب كذلك أيضا المشركين والمشركات ( الظانين بالله   ) أنه لن ينصرك ، وأهل الإيمان بك على أعدائك ، ولن يظهر كلمته فيجعلها العليا على كلمة الكافرين به ، وذلك كان السوء من ظنونهم التي ذكرها الله في هذا الموضع ، يقول - تعالى ذكره - : على المنافقين والمنافقات ، والمشركين والمشركات الذين ظنوا هذا الظن دائرة السوء ، يعني دائرة العذاب تدور عليهم به .  [ ص: 206 ] 
واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء الكوفة ( دائرة السوء   ) بفتح السين . وقرأ بعض قراء البصرة ( دائرة السوء   ) بضم السين . وكان الفراء  يقول : الفتح أفشى في السين; قال : وقلما تقول العرب دائرة السوء بضم السين ، والفتح في السين أعجب إلي من الضم ؛ لأن العرب تقول : هو رجل سوء ، بفتح السين; ولا تقول : هو رجل سوء . 
وقوله ( وغضب الله عليهم   ) يقول : ونالهم الله بغضب منه ، ولعنهم : يقول : وأبعدهم فأقصاهم من رحمته ( وأعد لهم جهنم   ) يقول : وأعد لهم جهنم يصلونها يوم القيامة ( وساءت مصيرا   ) يقول : وساءت جهنم منزلا يصير إليه هؤلاء المنافقون والمنافقات ، والمشركون والمشركات . 
وقوله ( ولله جنود السماوات والأرض   ) يقول - جل ثناؤه - : ولله جنود السماوات والأرض أنصارا على أعدائه ، إن أمرهم بإهلاكهم أهلكوهم ، وسارعوا إلى ذلك بالطاعة منهم له ( وكان الله عزيزا حكيما   ) يقول - تعالى ذكره - : ولم يزل الله ذا عزة ، لا يغلبه غالب ، ولا يمتنع عليه مما أراده به ممتنع لعظم سلطانه وقدرته ، حكيما في تدبيره خلقه . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					