[ ص: 572 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( فأراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقناه ومن معه جميعا    ( 103 ) وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا   ( 104 ) ) 
يقول تعالى ذكره : فأراد فرعون أن يستفز موسى وبني إسرائيل من الأرض ، ( فأغرقناه ) في البحر ، ( ومن معه   ) من جنده ( جميعا ) ، ونجينا موسى  وبني إسرائيل ،  وقلنا لهم ( من بعد   ) هلاك فرعون   ( اسكنوا الأرض   ) أرض الشام   ( فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا   ) يقول : فإذا جاءت الساعة ، وهي وعد الآخرة ، جئنا بكم لفيفا : يقول : حشرناكم من قبوركم إلى موقف القيامة لفيفا : أي مختلطين قد التف بعضكم على بعض ، لا تتعارفون ، ولا ينحاز أحد منكم إلى قبيلته وحيه ، من قولك : لففت الجيوش : إذا ضربت بعضها ببعض ، فاختلط الجميع ، وكذلك كل شيء خلط بشيء فقد لف به . 
وقد اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم نحو الذي قلنا فيه . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا  محمد بن بشار ،  قال : ثنا عبد الرحمن ،  قال : ثنا سفيان ،  عن منصور ،  عن ابن أبي رزين   ( جئنا بكم لفيفا   ) قال : من كل قوم  . 
وقال آخرون : بل معناه : جئنا بكم جميعا . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن سعد  ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ،  قوله ( جئنا بكم لفيفا   ) قال : جميعا  . 
حدثني محمد بن عمرو ،  قال : ثنا أبو عاصم ،  قال : ثنا عيسى   ; وحدثني الحارث ،  قال : ثنا الحسن ،  قال : ثنا ورقاء ،  جميعا عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد   ( جئنا بكم لفيفا   ) جميعا  .  [ ص: 573 ] 
حدثنا القاسم ،  قال : ثنا الحسين ،  قال : ثني حجاج ،  عن  ابن جريج ،  عن مجاهد ،  مثله . 
حدثنا بشر ،  قال : ثنا يزيد ،  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة  قوله ( فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا   ) : أي جميعا ، أولكم وآخركم  . 
حدثنا الحسن بن يحيى ،  قال : أخبرنا عبد الرزاق ،  قال : أخبرنا معمر ،  عن قتادة ،  في قوله ( جئنا بكم لفيفا   ) قال : جميعا  . 
حدثت عن الحسين ،  قال : سمعت أبا معاذ  يقول : ثنا عبيد ،  قال : سمعت الضحاك  يقول في قوله ( جئنا بكم لفيفا   ) يعني جميعا  . 
ووحد اللفيف ، وهو خبر عن الجميع ، لأنه بمعنى المصدر كقول القائل : لففته لفا ولفيفا . 


						
						
