[ ص: 479 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس  والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا   ( 60 ) ) 
وهذا حض من الله تعالى ذكره نبيه محمدا  صلى الله عليه وسلم ، على تبليغ رسالته ، وإعلام منه أنه قد تقدم منه إليه القول بأنه سيمنعه ، من كل من بغاه سوءا وهلاكا ، يقول جل ثناؤه : واذكر يا محمد إذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس قدرة ، فهم في قبضته لا يقدرون على الخروج من مشيئته ، ونحن مانعوك منهم ، فلا تتهيب منهم أحدا ، وامض لما أمرناك به من تبليغ رسالتنا . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا  محمد بن المثنى ،  قال : ثنا عبد الصمد ،  قال : ثنا شعبة ،  عن أبي رجاء ،  قال : سمعت الحسن  يقول : أحاط بالناس  عصمك من الناس  . 
حدثنا ابن حميد ،  قال : ثنا  يحيى بن واضح ،  قال : ثنا أبو بكر الهذلي ،  عن الحسن   ( وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس   ) قال : يقول : أحطت لك بالعرب أن لا يقتلوك ، فعرف أنه لا يقتل  . 
حدثني محمد بن عمرو ،  قال : ثنا أبو عاصم ،  قال : ثنا عيسى;  وحدثني الحرث ،  قال : ثنا الحسن ،  قال : ثنا ورقاء ،  جميعا عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد   ( أحاط بالناس   ) قال : فهم في قبضته  . 
حدثنا القاسم ،  قال : ثنا الحسين ،  قال : ثني حجاج ،  عن  ابن جريج ،  عن مجاهد ،  مثله . 
حدثنا القاسم ،  قال : ثنا الحسين ،  قال : ثنا أبو سفيان ،  عن معمر ،  عن الزهري ،  عن عروة بن الزبير  قوله ( أحاط بالناس   ) قال : منعك من الناس  . قال معمر ،  قال قتادة  ، مثله .  [ ص: 480 ] 
حدثنا ابن عبد الأعلى ،  قال : ثنا ابن ثور ،  عن معمر ،  عن قتادة ،  قوله ( وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس   ) قال : منعك من الناس  . 
حدثنا بشر ،  قال : ثنا يزيد ،  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة   ( وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس   ) أي منعك من الناس حتى تبلغ رسالة ربك  . 
وقوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس   ) اختلف أهل التأويل في ذلك ، فقال بعضهم : 
هو رؤيا عين ، وهي ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم لما أسري به من مكة  إلى بيت المقدس   . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا أبو كريب ،  قال : ثنا مالك بن إسماعيل ،  قال : ثنا ابن عيينة ،  عن عمرو  ، عن عكرمة ،  عن ابن عباس  في قوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس   ) قال : هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به ، وليست برؤيا منام  . 
حدثنا ابن وكيع ،  قال : ثنا سفيان بن عيينة ،  عن  عمرو بن دينار ،  عن عكرمة ،  عن ابن عباس ،  سئل عن قوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس   ) قال : هي رؤيا عين رآها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به  . 
حدثنا الحسن بن يحيى ،  قال : أخبرنا عبد الرزاق ،  قال : أخبرنا ابن عيينة ،  عن عمرو ،  عن عكرمة ،  عن ابن عباس ،  بنحوه . 
حدثنا ابن حميد ،  قال : ثنا حكام ،  قال : ثنا عمرو ،  عن فرات القزاز ،  عن سعيد بن جبير   ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس   ) قال : كان ذلك ليلة أسري به إلى بيت المقدس ، فرأى ما رأى فكذبه المشركون حين أخبرهم  . 
حدثني يعقوب ،  قال : ثنا  ابن علية ،  عن أبي رجاء ،  عن الحسن ،  في قوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس   ) قال : أسري به عشاء إلى بيت المقدس ، فصلى فيه ، وأراه الله ما أراه من الآيات ، ثم أصبح بمكة ، فأخبرهم أنه أسري به إلى بيت المقدس ، فقالوا له : يا محمد ما شأنك ، أمسيت فيه ، ثم أصبحت فينا تخبرنا أنك أتيت بيت المقدس ، فعجبوا من ذلك حتى ارتد بعضهم عن الإسلام  .  [ ص: 481 ] 
حدثنا  محمد بن بشار ،  قال : ثنا هوذة ،  قال : ثنا عوف ،  عن الحسن ،  في قوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس   ) قال : قال كفار أهل مكة : أليس من كذب ابن أبي كبشة أنه يزعم أنه سار مسيرة شهرين في ليلة  . 
حدثني أبو حصين ،  قال : ثنا عبثر ،  قال : ثنا حصين ،  عن أبي مالك  في هذه الآية ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس   ) قال : مسيره إلى بيت المقدس  . 
حدثني أبو السائب  ويعقوب ،  قالا ثنا ابن إدريس ،  عن الحسن بن عبد الله ،  عن أبي الضحى ،  عن مسروق  في قوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس   ) قال : حين أسري به  . 
حدثنا ابن بشار ،  قال : ثنا أبو أحمد ،  قال : ثنا سفيان ،  عن منصور ،  عن إبراهيم   ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس   ) قال : ليلة أسري به  . 
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ،  قال : ثنا محمد بن ثور ،  عن معمر ،  عن قتادة   ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس   ) قال : الرؤيا التي أريناك في بيت المقدس حين أسري به ، فكانت تلك فتنة الكافر  . 
حدثنا بشر ،  قال : ثنا يزيد ،  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة   ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس   ) يقول : الله أراه من الآيات والعبر في مسيره إلى بيت المقدس . ذكر لنا أن ناسا ارتدوا بعد إسلامهم حين حدثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسيره ، أنكروا ذلك وكذبوا له ، وعجبوا منه ، وقالوا : تحدثنا أنك سرت مسيرة شهرين في ليلة واحدة  . 
حدثني محمد بن سعد ،  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ،  قوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس   ) قال : هو ما أري في بيت المقدس ليلة أسري به  . 
حدثنا القاسم ،  قال : ثنا الحسين ،  قال : ثني حجاج ،  عن  ابن جريج   ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك   ) قال : أراه الله من الآيات في طريق بيت المقدس حين أسري به ، نزلت فريضة الصلاة ليلة أسري به قبل أن يهاجر بسنة وتسع  [ ص: 482 ] سنين من العشر التي مكثها بمكة ، ثم رجع من ليلته ، فقالت قريش : تعشى فينا وأصبح فينا ، ثم زعم أنه جاء الشام في ليلة ثم رجع ، وايم الله إن الحدأة لتجيئها شهرين : شهرا مقبلة ، وشهرا مدبرة  . 
حدثني يونس ،  قال : أخبرنا ابن وهب ،  قال : قال ابن زيد ،  في قوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس   ) قال : هذا حين أسري به إلى بيت المقدس ، افتتن فيها ناس ، فقالوا : يذهب إلى بيت المقدس ويرجع في ليلة : وقال : " لما أتاني جبرائيل عليه السلام بالبراق ليحملني عليها صرت بأذنيها ، وانقبض بعضها إلى بعض ، فنظر إليها جبرائيل ، فقال : والذي بعثني بالحق من عنده ما ركبك أحد من ولد آدم خير منه ، قال : فصرت بأذنيها وارفضت عرقا حتى سال ما تحتها ، وكان منتهى خطوها عند منتهى طرفها " فلما أتاهم بذلك ، قالوا : ما كان محمد لينتهي حتى يأتي بكذبة تخرج من أقطارها ، فأتوا أبا بكر رضي الله عنه فقالوا : هذا صاحبك يقول كذا وكذا ، فقال : وقد قال ذلك ؟ قالوا : نعم ، فقال : إن كان قد قال ذلك فقد صدق ، فقالوا : تصدقه إن قال ذهب إلى بيت المقدس ورجع في ليلة ؟ فقال أبو بكر : إي ، نزع الله عقولكم ، أصدقه بخبر السماء ، والسماء أبعد من بيت المقدس ، ولا أصدقه بخبر بيت المقدس ؟ قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : إنا قد جئنا بيت المقدس فصفه لنا ، فلما قالوا ذلك ، رفعه الله تبارك وتعالى ومثله بين عينيه ، فجعل يقول : هو كذا ، وفيه كذا ، فقال بعضهم : وأبيكم إن أخطأ منه حرفا ، فقالوا : هذا رجل ساحر  . 
حدثت عن الحسين بن الفرج ،  قال : سمعت أبا معاذ  يقول : ثنا عبيد بن سليمان ،  قال : سمعت الضحاك  يقول في قوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس   ) يعني ليلة أسري به إلى بيت المقدس ، ثم رجع من ليلته ، فكانت فتنة لهم  . 
حدثني محمد بن عمرو ،  قال : ثنا أبو عاصم ،  قال . ثنا عيسى;  وحدثني الحرث ،  قال : ثنا الحسين ،  قال : ثنا ورقاء ،  جميعا عن ابن أبي نجيح ،  عن  [ ص: 483 ] مجاهد  في قوله ( الرؤيا التي أريناك   ) قال : حين أسري بمحمد صلى الله عليه وسلم  . 
حدثنا القاسم ،  قال : ثنا الحسين ،  قال : ثني حجاج ،  عن  ابن جريج ،  عن مجاهد ،  بنحوه . 
وقال آخرون : هي رؤياه التي رأى أنه يدخل مكة   . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن سعد ،  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ،  قوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس   ) قال : يقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري أنه دخل مكة هو وأصحابه ، وهو يومئذ بالمدينة ، فعجل رسول الله صلى الله عليه وسلم السير إلى مكة قبل الأجل ، فرده المشركون ، فقالت أناس : قد رد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد كان حدثنا أنه سيدخلها ، فكانت رجعته فتنتهم  . 
وقال آخرون ممن قال : هي رؤيا منام : إنما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في منامه قوما يعلون منبره . 
ذكر من قال ذلك : حدثت عن محمد بن الحسن بن زبالة ،  قال : ثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد ،  قال : ثني أبي ، عن جدي ، قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني فلان ينزون على منبره نزو القردة ، فساءه ذلك ، فما استجمع ضاحكا حتى مات ، قال : وأنزل الله عز وجل في ذلك ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس   ) . . . . الآية  . 
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال : عنى به رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى من الآيات والعبر في طريقه إلى بيت المقدس ،  وبيت المقدس  ليلة أسري به ، وقد ذكرنا بعض ذلك في أول هذه السورة . 
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب ، لإجماع الحجة من أهل التأويل على أن  [ ص: 484 ] هذه الآية إنما نزلت في ذلك ، وإياه عنى الله عز وجل بها ، فإذا كان ذلك كذلك ، فتأويل الكلام : وما جعلنا رؤياك التي أريناك ليلة أسرينا بك من مكة إلى بيت المقدس ، إلا فتنة للناس : يقول : إلا بلاء للناس الذين ارتدوا عن الإسلام ، لما أخبروا بالرؤيا التي رآها ، عليه الصلاة والسلام وللمشركين من أهل مكة  الذين ازدادوا بسماعهم ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم تماديا في غيهم ، وكفرا إلى كفرهم . 
كما حدثنا بشر ،  قال : ثنا يزيد ،  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة ،  قوله ( إلا فتنة للناس   ) . 
وأما قوله ( والشجرة الملعونة في القرآن   ) فإن أهل التأويل اختلفوا فيها ، فقال بعضهم : هي شجرة الزقوم . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا أبو كريب ،  قال : ثنا مالك بن إسماعيل ،  قال : ثنا أبو عبيدة ،  عن عمرو ،  عن عكرمة ،  عن ابن عباس   ( والشجرة الملعونة في القرآن   ) قال : شجرة الزقوم  . 
حدثني محمد بن سعد ،  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ،  قوله ( والشجرة الملعونة في القرآن   ) قال : هي شجرة الزقوم ، قال أبو جهل : أيخوفني ابن أبي كبشة بشجرة الزقوم ، ثم دعا بتمر وزبد ، فجعل يقول : زقمني ، فأنزل الله تعالى ( طلعها كأنه رءوس الشياطين   ) وأنزل ( ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا   )  . 
حدثني أبو السائب  ويعقوب ،  قالا ثنا ابن إدريس ،  عن الحسن بن عبيد الله ،  عن أبي الضحى ،  عن مسروق   ( والشجرة الملعونة في القرآن   ) قال : شجرة الزقوم  . 
حدثنا ابن بشار ،  قال : ثنا عبد الرحمن ،  قال : ثنا سفيان ،  عن الحسن بن عبيد الله ،  عن أبي الضحى ،  عن مسروق ،  مثله . 
حدثني يعقوب ،  قال : ثنا  ابن علية ،  عن أبي رجاء ،  عن الحسن ،  في قوله ( والشجرة الملعونة في القرآن   ) فإن قريشا كانوا يأكلون التمر والزبد ،  [ ص: 485 ] ويقولون : تزقموا هذا الزقوم . قال أبو رجاء : فحدثني عبد القدوس ، عن الحسن ،  قال : فوصفها الله لهم في الصافات  . 
حدثنا ابن بشار ،  قال : ثنا هوذة ،  قال : ثنا عوف ،  عن الحسن ،  قال : قال أبو جهل وكفار أهل مكة : أليس من كذب ابن أبي كبشة أنه يوعدكم بنار تحترق فيها الحجارة ، ويزعم أنه ينبت فيها شجرة ( والشجرة الملعونة في القرآن   ) قال : هي شجرة الزقوم  . 
حدثني عبد الله بن أحمد بن يونس ،  قال : ثنا عبثر ،  قال : ثنا حصين ،  عن أبي مالك  في هذه الآية ( والشجرة الملعونة في القرآن   ) قال : شجرة الزقوم  . 
حدثنا ابن بشار ،  قال : ثنا عبد الرحمن ،  قال : ثنا هشيم ،  عن حصين ،  عن أبي مالك ،  قال في قوله ( والشجرة الملعونة في القرآن   ) قال : هي شجرة الزقوم  . 
حدثنا ابن بشار ،  قال : ثنا عبد الرحمن ،  قال : ثنا  عبد الله بن المبارك ،  عن رجل يقال له بدر ،  عن عكرمة ،  قال : شجرة الزقوم . 
حدثنا ابن بشار ،  قال : ثنا عبد الرحمن ،  قال : ثنا إسرائيل ،  عن فرات القزاز ،  قال : سئل سعيد بن جبير  عن الشجرة الملعونة ، قال : شجرة الزقوم  . 
حدثنا ابن بشار ،  قال : ثنا عبد الرحمن ،  قال : ثنا هشيم ،  عن عبد الملك العزرمي ،  عن سعيد بن جبير   ( والشجرة الملعونة   ) قال : شجرة الزقوم  . 
حدثنا ابن بشار ،  قال : ثنا عبد الرحمن ،  قال : ثنا سفيان ،  عن منصور ،  عن إبراهيم ،  بمثله . 
حدثني محمد بن عمرو ،  قال : ثنا أبو عاصم ،  قال : ثنا عيسى;  وحدثني الحارث ،  قال : ثني الحسن ،  قال : ثنا ورقاء ،  جميعا عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد   ( والشجرة الملعونة في القرآن   ) قال : الزقوم  . 
حدثنا القاسم ،  قال : ثنا الحسين ،  قال : ثني حجاج  ، عن  ابن جريج ،  عن مجاهد ،  مثله . 
حدثنا ابن حميد ،  قال : ثنا جرير ،  عن أبي المحجل ،  عن أبي معشر ،  عن إبراهيم ،  أنه كان يحلف ما يستثني ، أن الشجرة الملعونة : شجرة الزقوم  .  [ ص: 486 ] 
حدثنا الحسن بن يحيى ،  قال : أخبرنا عبد الرزاق ،  قال : أخبرنا إسرائيل ،  عن فرات القزاز ،  قال : سألت سعيد بن جبير ،  عن الشجرة الملعونة في القرآن ، قال : شجرة الزقوم  . 
حدثنا الحسن بن يحيى ،  قال : أخبرنا عبد الرزاق ،  قال : أخبرنا ابن عيينة ،  عن عمرو ،  عن عكرمة  عن ابن عباس ،  قال : هي الزقوم . 
حدثنا بشر ،  قال : ثنا يزيد ،  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة ،  قوله ( والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا   ) وهي شجرة الزقوم ، خوف الله بها عباده ، فافتتنوا بذلك ، حتى قال قائلهم أبو جهل بن هشام : زعم صاحبكم هذا أن في النار شجرة ، والنار تأكل الشجر ، وإنا والله ما نعلم الزقوم إلا التمر والزبد ، فتزقموا ، فأنزل الله تبارك وتعالى حين عجبوا أن يكون في النار شجرة ( إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رءوس الشياطين   ) ، إني خلقتها من النار ، وعذبت بها من شئت من عبادي  . 
حدثنا ابن عبد الأعلى ،  قال : ثنا محمد بن ثور ،  عن معمر ،  عن قتادة   ( والشجرة الملعونة في القرآن   ) قال : الزقوم; وذلك أن المشركين قالوا : يخبرنا هذا أن في النار شجرة ، والنار تأكل الشجر حتى لا تدع منه شيئا ، وذلك فتنة  . 
حدثت عن الحسين بن الفرج ،  قال : سمعت أبا معاذ  يقول : ثنا عبيد بن سليمان ،  قال : سمعت الضحاك  يقول في قوله ( والشجرة الملعونة في القرآن   ) قال : شجرة الزقوم  . 
حدثني يونس ،  قال : أخبرنا ابن وهب ،  قال : قال ابن زيد ،  في قوله ( والشجرة الملعونة في القرآن   ) الزقوم التي سألوا الله أن يملأ بيوتهم منها ، وقال : هي الصرفان بالزبد تتزقمه ، والصرفان : صنف من التمر ، قال : وقال أبو جهل : هي الصرفان بالزبد ، وافتتنوا بها  . 
وقال آخرون : هي الكشوث .  [ ص: 487 ] 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا أبو كريب ،  قال : ثنا  محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ،  عن ابن أبي ذئب ،  عن مولى بني هاشم  حدثه ، أن  عبد الله بن الحارث بن نوفل ،  أرسله إلى ابن عباس ،  يسأله عن الشجرة الملعونة في القرآن ؟ قال : هي هذه الشجرة التي تلوي على الشجرة ، وتجعل في الماء ، يعني الكشوثي  . 
وأولى القولين في ذلك بالصواب عندنا قول من قال : عنى بها شجرة الزقوم ، لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك ، ونصبت " الشجرة الملعونة " عطفا بها على الرؤيا . فتأويل الكلام إذن : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك ، والشجرة الملعونة في القرآن إلا فتنة للناس ، فكانت فتنتهم في الرؤيا ما ذكرت من ارتداد من ارتد ، وتمادي أهل الشرك في شركهم  ، حين أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أراه الله في مسيره إلى بيت المقدس  ليلة أسري به ، وكانت فتنتهم في الشجرة الملعونة ما ذكرنا من قول أبي جهل والمشركين معه : يخبرنا محمد  أن في النار شجرة نابتة ، والنار تأكل الشجر فكيف تنبت فيها ؟ 
وقوله ( ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا   ) يقول : ونخوف هؤلاء المشركين بما نتوعدهم من العقوبات  والنكال ، فما يزيدهم تخويفنا إلا طغيانا كبيرا ، يقول : إلا تماديا وغيا كبيرا في كفرهم وذلك أنهم لما خوفوا بالنار التي طعامهم فيها الزقوم دعوا بالتمر والزبد ، وقالوا : تزقموا من هذا . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك; وقد تقدم ذكر بعض من قال ذلك ، ونذكر بعض من بقي . 
حدثنا القاسم ،  قال : ثنا الحسين  ، قال : ثني حجاج ،  قال قال  ابن جريج   ( والشجرة الملعونة   ) قال : طلعها كأنه رءوس الشياطين ، والشياطين ملعونون . قال ( والشجرة الملعونة في القرآن   ) لما ذكرها زادهم افتتانا وطغيانا ، قال الله تبارك وتعالى ، ( ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا   ) . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					