القول في تأويل قوله ( وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم    ( 32 ) ) 
قال أبو جعفر   : يقول تعالى ذكره : واذكر ، يا محمد ،  أيضا ما حل بمن قال : " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم   " ، إذ مكرت بهم ، فأتيتهم بعذاب أليم وكان ذلك العذاب ، قتلهم بالسيف يوم بدر . * * * 
وهذه الآية أيضا ذكر أنها نزلت في النضر بن الحارث   . 
* ذكر من قال ذلك . 
15981 - حدثني يعقوب  قال ، حدثنا هشيم  قال ، حدثنا أبو بشر  ، عن سعيد بن جبير  ، في قوله : " وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء   " ، قال : نزلت في النضر بن الحارث   . 
15982 - حدثني محمد بن عمرو  قال ، حدثنا أبو عاصم  قال ، حدثنا  [ ص: 506 ] عيسى  ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  قوله : " إن كان هذا هو الحق من عندك " ، قال : قول النضر بن الحارث  أو : ابن الحارث بن كلدة   . 
15983 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا أبو حذيفة  قال ، حدثنا شبل  ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد   : " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك " ، قول النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة ، من بني عبد الدار   . 
15984 - . . . . . . قال ، أخبرنا إسحاق  قال ، أخبرنا عبد الله  ، عن ورقاء  ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  في قوله : " إن كان هذا هو الحق من عندك   " ، قال : هو النضر بن الحارث بن كلدة   . 
15985 - حدثنا أحمد بن إسحاق  قال ، حدثنا أبو أحمد  قال ، حدثنا طلحة بن عمرو  ، عن عطاء  قال : قال رجل من بني عبد الدار  ، يقال له النضر بن كلدة   : " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم " ، فقال الله : ( وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب   ) [ سورة ص : 16 ] ، وقال : ( ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة   ) [ سورة الأنعام : 94 ] ، وقال : ( سأل سائل بعذاب واقع للكافرين   ) [ سورة المعارج : 1 - 2 ] . قال عطاء : لقد نزل فيه بضع عشرة آية من كتاب الله . 
15986 - حدثني محمد بن الحسين  قال ، حدثنا أحمد بن المفضل  قال ، حدثنا أسباط  ، عن  السدي  قال : فقال يعني النضر بن الحارث   : اللهم إن كان ما يقول محمد  هو الحق من عندك ، فأمطر علينا حجارة من السماء أو  [ ص: 507 ] ائتنا بعذاب أليم ! قال الله : ( سأل سائل بعذاب واقع للكافرين   ) . 
15987 - حدثنا ابن حميد  قال ، حدثنا حكام  ، عن عنبسة  ، عن ليث  ، عن مجاهد  في قوله : " إن كان هذا هو الحق من عندك   " الآية ، قال : ( سأل سائل بعذاب واقع للكافرين   ) . 
15988 - حدثنا بشر  قال ، حدثنا يزيد  قال ، حدثنا سعيد  ، عن قتادة  قوله : " وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك   " ، الآية قال : قال ذلك سفه هذه الأمة وجهلتها ، فعاد الله بعائدته ورحمته على سفهة هذه الأمة وجهلتها . 
15989 - حدثنا ابن حميد  قال ، حدثنا سلمة  ، عن ابن إسحاق  قال : ثم ذكر غرة قريش  واستفتاحهم على أنفسهم  ، إذ قالوا : " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك " ، أي : ما جاء به محمد   " فأمطر علينا حجارة من السماء   " ، كما أمطرتها على قوم لوط   " أو ائتنا بعذاب أليم " ، أي : ببعض ما عذبت به الأمم قبلنا . * * * 
واختلف أهل العربية في وجه دخول " هو " في الكلام . 
فقال بعض البصريين : نصب " الحق " ، لأن " هو " والله أعلم ، حولت  [ ص: 508 ] زائدة في الكلام صلة توكيد ، كزيادة " ما " ، ولا تزاد إلا في كل فعل لا يستغني عن خبر ، وليس هو بصفة ، ل " هذا " ، لأنك لو قلت : " رأيت هذا هو " ، لم يكن كلاما . ولا تكون هذه المضمرة من صفة الظاهرة ، ولكنها تكون من صفة المضمرة ، نحو قوله : ( ولكن كانوا هم الظالمين   ) [ سورة الزخرف : 76 ] و ( خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا   ) [ سورة المزمل : 20 ] . 
لأنك تقول : " وجدته هو وإياي " ، فتكون " هو " صفة . 
وقد تكون في هذا المعنى أيضا غير صفة ، ولكنها تكون زائدة ، كما كان في الأول . وقد تجري في جميع هذا مجرى الاسم ، فيرفع ما بعدها ، إن كان بعدها ظاهرا أو مضمرا في لغة بني تميم ، يقولون في قوله : " إن كان هذا هو الحق من عندك " ، " ولكن كانوا هم الظالمون " ، و" تجدوه عند الله هو خير وأعظم أجرا " كما تقول : " كانوا آباؤهم الظالمون " ، جعلوا هذا المضمر نحو " هو " و" هما " و" أنت " زائدا في هذا المكان ، ولم تجعل مواضع الصفة ، لأنه فصل أراد أن يبين به أنه ليس ما بعده صفة لما قبله ، ولم يحتج إلى هذا في الموضع الذي لا يكون له خبر . * * * 
وكان بعض الكوفيين  يقول : لم تدخل " هو " التي هي عماد في الكلام ، إلا لمعنى صحيح . وقال : كأنه قال : " زيد قائم " ، فقلت أنت : " بل عمرو هو القائم " ف " هو " لمعهود الاسم ، و" الألف واللام " لمعهود الفعل ، [ " والألف واللام " ] التي هي صلة في الكلام ، مخالفة لمعنى " هو " ، لأن دخولها وخروجها واحد  [ ص: 509 ] في الكلام . وليست كذلك " هو " . وأما التي تدخل صلة في الكلام ، فتوكيد شبيه بقولهم : " وجدته نفسه " ، تقول ذلك ، وليست بصفة " كالظريف " و" العاقل " . * * * 


						
						
