( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما    ( 12 ) ) 
يقول تعالى مخبرا عن قدرته التامة وسلطانه العظيم ليكون ذلك باعثا على تعظيم ما شرع من الدين القويم ( الله الذي خلق سبع سماوات ) كقوله تعالى إخبارا عن نوح  أنه قال لقومه ( ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا   ) [ نوح : 15 ] وقال تعالى ( تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن   ) [ الإسراء : 44 ] . وقوله تعالى ( ومن الأرض مثلهن   ) أي سبعا أيضا ، كما ثبت في الصحيحين  " من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين " وفي صحيح  البخاري   " خسف به إلى سبع أرضين " وقد ذكرت طرقه وألفاظه وعزوه في أول " البداية والنهاية " عند ذكر خلق الأرض ولله الحمد والمنة . 
ومن حمل ذلك على سبعة أقاليم فقد أبعد النجعة ، وأغرق في النزع ، وخالف القرآن ، والحديث بلا مستند . وقد تقدم في سورة الحديد عند قوله : ( هو الأول والآخر والظاهر والباطن   ) [ الآية : 3 ] ذكر الأرضين السبع ، وبعد ما بينهن ، وكثافة كل واحدة منهن خمسمائة عام ، وهكذا قال ابن مسعود  وغيره ، وكذا في الحديث الآخر  " ما السماوات السبع ، وما فيهن ، وما بينهن ، والأرضون السبع ، وما فيهن ، وما بينهن في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة "  . وقال ابن جرير  ، حدثنا عمرو بن علي  ، حدثنا  وكيع  ، حدثنا الأعمش  ، عن إبراهيم بن مهاجر  ، عن مجاهد  ، عن ابن عباس  في قوله : ( سبع سماوات ومن الأرض مثلهن   ) قال لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم ، وكفركم تكذيبكم بها  . 
وحدثنا ابن حميد  ، حدثنا يعقوب بن عبد الله بن سعد القمي الأشعري  ، عن جعفر بن أبي المغيرة الخزاعي  ، عن سعيد بن جبير  ، قال : قال رجل  لابن عباس   ( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن   ) الآية . فقال : ابن عباس  ما يؤمنك إن أخبرتك بها فتكفر  . وقال ابن جرير  ، حدثنا عمرو بن علي  ،  ومحمد بن المثنى  قالا : حدثنا محمد بن جعفر  ، حدثنا شعبة  ، عن عمرو بن مرة  ، عن أبي الضحى  ، عن ابن عباس  في هذه الآية ( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن   ) قال عمرو : قال في كل أرض مثل إبراهيم  ونحو ما على الأرض من  [ ص: 157 ] الخلق  . 
وقال  ابن المثنى  في حديثه في كل سماء إبراهيم ، وقد روى  البيهقي  في كتاب الأسماء والصفات هذا الأثر عن ابن عباس  بأبسط من هذا السياق فقال : أنا أبو عبد الله الحافظ  ، حدثنا أحمد بن يعقوب  ، حدثنا  عبيد بن غنام النخعي  ، أنا علي بن حكيم  ، حدثنا شريك  ، عن عطاء بن السائب  ، عن أبي الضحى  ، عن ابن عباس  ، قال ( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن   ) قال : سبع أرضين ، في كل أرض نبي كنبيكم ، وآدم  كآدم ،  ونوح  كنوح ،  وإبراهيم ،  كإبراهيم ،  وعيسى  كعيسى   . 
ثم رواه  البيهقي  من حديث شعبة  ، عن عمرو بن مرة  ، عن أبي الضحى  ، عن ابن عباس  ، في قول الله عز وجل ( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن   ) قال في كل أرض نحو إبراهيم  عليه السلام  . 
ثم قال  البيهقي   : إسناد هذا عن ابن عباس  صحيح وهو شاذ بمرة ، لا أعلم لأبي الضحى  عليه متابعا ، والله أعلم 
قال  الإمام أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا القرشي  في كتابه التفكر والاعتبار : حدثني إسحاق بن حاتم المدائني  ، حدثنا يحيى بن سليمان  عن عثمان بن أبي دهرس  قال بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتهى إلى أصحابه وهم سكوت لا يتكلمون ، فقال :  " ما لكم لا تتكلمون ؟ " فقالوا : نتفكر في خلق الله عز وجل ، قال : " فكذلك فافعلوا ، تفكروا في خلق الله ، ولا تتفكروا فيه ، فإن بهذا المغرب أرضا بيضاء نورها ساحتها - أو قال : ساحتها نورها - مسيرة الشمس أربعين يوما بها خلق الله تعالى لم يعصوا الله طرفة عين قط ، قالوا : فأين الشيطان عنهم ؟ قال : " ما يدرون خلق الشيطان أم لم يخلق ؟ قالوا : أمن ولد آدم ؟ قال : " لا يدرون خلق آدم ، أم لم يخلق ؟ " 
وهذا حديث مرسل وهو منكر جدا وعثمان بن أبي دهرش  ذكره ابن أبي حاتم  في كتابه ، فقال : روى عن رجل من آل الحكم بن أبي العاص ،  وعنه سفيان بن عيينة  ، ويحيى بن سليم الطائفي  ،  وابن المبارك  ، سمعت أبي يقول ذلك . 


						
						
