مطلب : في حكم القران بين تمرتين فأكثر  ، وفيه تحقيق مهم : 
ويكره في التمر القران ونحوه وقيل مع التشريك لا في التفرد   ( ويكره ) لكل أحد بلا حاجة ( في التمر ) ، وهو جنى النخل واحدته تمرة ( القران ) بأن يجمع في حال أكله بين تمرتين فأكثر ( ونحوه ) أي نحو التمر مما جرت العادة بتناوله أفرادا مثله في الحكم . 
قال في الآداب الكبرى : والقران بين غير التمر مثله إلا أن ذلك لا يقصد وتظهر فائدته في الفواكه ، وما في معناها ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية  رضي الله عنه : وعلى قياس التمر كل ما العادة جارية بتناوله أفرادا . ودليل الكراهة ما في الصحيحين عن  ابن عمر  رضي الله عنهما قال : { نهى رسول الله  صلى الله عليه وسلم عن القران إلا أن تستأذن أصحابك    } فالقران بكسر القاف هو أن يقرن التمرة مع أختها ويرفعهما إلى فيه جميعا ( وقيل ) الكراهة إنما تكون ( مع التشريك ) بأن كان شريكا مع غيره ; لما يلزم من فعله ذلك اختصاصه بأزيد عن شريكه . 
فعلى هذا ( لا ) يكره القران ( في التفرد ) أي في أكله منفردا عن شريك ولا مع أهله ولا مع من أطعمهم ذلك كما في الرعاية ، والمستوعب وزاد : وتركه مع كل أحد أولى وأفضل وأحسن ، وهو معنى كلامه في الترغيب . 
 [ ص: 99 ] فإن قلت : النهي يقتضي التحريم كما أن الأمر يقتضي الوجوب فما لكم لم تقولوا بالحرمة ههنا ؟ فالجواب كما في واضح  ابن عقيل  أن الأمر لا يقتضي حسن المأمور به ولا النهي قبح المنهي عنه عقلا عندنا ، وعند أهل السنة  خلافا للقدرية  فقد نهى الشارع عن أشياء الأولى تركها لا لقبحها كالقران بين التمرتين وكنس البيت بالخرقة ، والجلوس في المنارة والشرب من ثلمة الإناء كذا قال . 
ومراده  رحمه الله تعالى نفي كون العقل يحسن ، أو يقبح قال في شرح التحرير : والحسن شرعا ، والقبيح شرعا ما أمر به الله سبحانه وتعالى ، وهذا راجع للحسن ، وما نهى عنه ، وهذا راجع للقبيح قال ابن قاضي الجبل : إذا أمر الله سبحانه وتعالى بفعل فهو حسن بالاتفاق ، وإذا نهى عن فعل فقبيح بالاتفاق ، والله أعلم . 
ونقل القاضي عياض  عن أهل الظاهر  أن النهي عن قران التمر  التحريم وعن غيرهم للكراهة ، والأدب . وذكر النووي  أن الصواب التفصيل ، فإن كان الطعام مشتركا بينه وبين غيره فالقران حرام إلا برضاهم بقول ، أو قرينة يحصل بها علم ، أو ظن ، وإن كان الطعام لغيرهم ، أو لأحدهم اشترط رضاه وحده ، فإن قرن بغير رضاه فحرام ويستحب أن يستأذن الآكلين معه ، وإن كان الطعام لنفسه ، وقد ضيفهم فحسن أن لا يقرن ليساويهم إن كان فيه قلة ، وإن كان كثيرا بحيث يفضل عنهم فلا بأس لكن الإذن مطلقا الأدب وترك الشره . نعم يطلب إذنهم ، والحالة هذه إن كان مستعجلا ويريد الإسراع لشغل آخر . 
وقال  الخطابي    : إنما كان هذا في زمنهم حين كان الطعام ضيقا ، فأما اليوم مع اتساع الحال فلا حاجة إلى الإذن . قال في الآداب الكبرى : وفيما ذكره نظر والله أعلم . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					