ومن جملة حفظ العلم الذي أودعه الله عند حامله أن يمتثل أمر الله فيه ، فإن الله تعالى أودع العلم من شاء من عباده وأمرهم ببذله للناس ، وتوعدهم على كتمانه فقال { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون     } وقال : { إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب     } الآية . وقال { فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون    } . 
 [ ص: 52 ] وعن  أبي هريرة  رضي الله عنه قال : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم {   : من سئل عن علم فكتمه  ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار    } رواه أبو داود  والترمذي  وحسنه  ابن ماجه   وابن حبان  في صحيحه  والبيهقي  ورواه  الحاكم  بنحوه وقال صحيح على شرط الشيخين . وفي رواية  ابن ماجه    { ما من رجل يحفظ علما فيكتمه إلا أتى يوم القيامة ملجوما بلجام من نار    } . 
وعن  ابن عباس  رضي الله عنهما أن النبي  صلى الله عليه وسلم قال { ناصحوا في العلم فإن خيانة أحدكم في علمه أشد من خيانته في ماله وإن الله سائلكم    } رواه  الطبراني  في الكبير ، قال الحافظ المنذري    : ورواته ثقات إلا أن أبا سعيد البقال  واسمه سعيد بن المرزبان  فيه خلاف وقال في باب ذكر الرواة : سعيد بن المرزبان أبو سعد البقال  قال  الفلاس    : متروك الحديث . وقال  البخاري    : منكر الحديث . وقال أبو زرعة    : صدوق مدلس . 
واعلم أن الأمانة تضمن بالتعدي أو التفريط ، والتعدي في العلم يشمل كتمانه عن من يستحقه فيلجمه الله بلجام من نار ، ويشمل أن يتخذه سلما يتوصل به إلى تناول الدنيا وشبكة يصطاد بها حطامها ، ويشمل عدم الإخلاص فيه . أما كتمانه فقد ذكرنا دليله . 


						
						
