[ ص: 274 ] مطلب : هل يزول الهجر المحرم بالسلام  ؟ 
( تنبيهان ) : 
( الأول ) : ظاهر ما ذكرنا من الأحاديث أن الهجر المحرم يزول بالسلام وذكره في الآداب والرعاية والمستوعب وزاد ولا ينبغي له أن يترك كلامه بعد السلام عليه . وروى أبو حفص  عن  أبي هريرة  رضي الله عنه مرفوعا { السلام يقطع الهجران    } وذكر النووي  أن مذهب  مالك   والشافعي  ومن وافقهما يزول الهجر المحرم بالسلام . وقال  الإمام أحمد  وابن القاسم  المالكي : إن كان يؤذيه لم يقطع السلام هجرانه . 
قال  الأثرم    : سمعت  أبا عبد الله  يسأل عن السلام يقطع الهجران ؟ فقال قد يسلم عليه وقد صدر عنه . ثم قال  أبو عبد الله  رضي الله عنه عنه : النبي  صلى الله عليه وسلم يقول { يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا    } فإذا كان قد عوده أن يكلمه وأن يصافحه ثم قال إلا أنه ما كان من هجران في شيء يخاف عليه فهو الكفر فهو جائز . ثم قال  أبو عبد الله    : النبي  صلى الله عليه وسلم قال في قصة  كعب بن مالك  حين خاف عليهم ولم يدر ما يقول فيهم " لا تكلموهم " فظاهر كلام  الإمام أحمد  رضي الله عنه أنه لا يخرج من الهجرة بمجرد السلام بل بعوده إلى حاله مع المهجور قبل الهجرة . 
قال  القاضي    : وإنما لم يجعله  أحمد  خارجا من الهجرة بمجرد السلام حتى يعود إلى عادته معه في الاجتماع والمؤانسة ، لأن الهجرة لا تزول إلا بعودته معه . انتهى . 
وقد قال  الإمام أحمد  للذي تشتمه ابنة عمه : إذا لقيتها سلم عليها اقطع المصارمة . فظاهر هذه الرواية أن السلام يقطعها مطلقا . وجزم به ابن حمدان  والسامري  وغيرهما ، وقطع به في الإقناع والله أعلم . 
( الثاني ) : ظاهر كلام الأصحاب  رضوان الله عليهم أن الهجر المحرم لا يزول بغير مشافهة ، ونص عليه  الشافعي    . قال في الآداب الكبرى : ويتوجه على قول من جعل من أصحابنا الكتابة والمراسلة كلاما أن يزول الهجر المحرم بها . قال ثم وجدت  ابن عقيل  ذكره . وللشافعية وجهان . 
قال النووي    : أصحهما يزول لزوال الوحشة . انتهى . وظاهر كلام سيدنا  [ ص: 275 ]  الإمام أحمد  أنه يزول . قال  ابن رزين  في مختصره فيما لو حلف أن لا يكلمه فكتب أو أرسل إليه  ، نص  أحمد  على أنه ينظر إلى سبب يمينه ، فإن كان نيته أو سبب يمينه يقتضي هجرانه وترك صلته حنث . انتهى . فدل هذا على أن الكتابة والمراسلة كلام ، والله تعالى الموفق لكل خير . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					