ولأحمد وابن ماجه { قلت يا رسول الله أمن العصبية أن يحب الرجل قومه قال لا ولكن من العصبية أن ينصر الرجل قومه على الظلم } . وعن عبد الله بن أبي سليمان عن جبير بن مطعم مرفوعا { ليس منا [ ص: 52 ] من دعا إلى عصبية ، وليس منا من قاتل عصبية ، وليس منا من مات على عصبية } رواه أبو داود وقال : لم يسمع من جبير . وعن سراقة قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال { خيركم المدافع عن عشيرته ما لم يأثم } إسناده ضعيف ورواه أبو داود .
وفي هذا الباب روى أبو داود من حديث ابن إسحاق عن داود بن حصين عن عبد الرحمن بن أبي عقبة عن أبي عقبة وكان مولى من أهل فارس قال { شهدت مع رسول الله أحدا فضربت رجلا من المشركين فقلت : خذها وأنا الغلام الفارسي ، فالتفت إلي وقال فهلا قلت وأنا الغلام الأنصاري } رواه أحمد وابن ماجه من رواية ابن إسحاق وهو مدلس وعبد الرحمن تفرد عنه داود ووثقه ابن حبان .
قال في النهاية : في الحديث العصبي من يعين قومه على الظلم ، هو الذي يغضب لعصبته ويحامي عنهم ، والعصبة الأقارب من جهة الأب كأنهم يعصبونه ويتعصب بهم أي : يحيطون به ويشتد بهم ، ومنه الحديث { ليس منا من دعا إلى عصبية أو قاتل عصبية } والتعصب المحاماة والمدافعة .
ولمسلم من حديث جندب { من قتل تحت راية عمية يدعو عصبية أو ينصر عصبية فقتلته جاهلية } . قال صالح بن أحمد في مسائله عن أبيه : وسألته عن حديث ابن عباس { إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو } قال أبي : لا تغلو في كل شيء حتى الحب والبغض قال أبو داود ( باب في الهوى ) حدثنا حيوة بن شريح ثنا بقية عن ابن أبي مريم عن خالد بن محمد الثقفي عن بلال بن أبي الدرداء عن النبي قال : { حبك للشيء يعمي ويصم } ابن أبي مريم هو أبو عبد الله الغساني الحمصي عالم دين لكنه ضعيف عند أهل العلم رواه أحمد وعبد الحميد وأبو يعلى الموصلي من حديثه .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أراه رفعه قال : { أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما ، وأبغض بغيضك هونا ما عسى [ ص: 53 ] أن يكون حبيبك يوما ما } إسناده ضعيف رواه الترمذي قال : وقد روي عن علي مرفوعا والصحيح عن علي موقوف وقال النمر بن تولب :
وأبغض بغيضك بغضا رويدا إذا أنت حاولت أن تحكما وأحبب حبيبك حبا رويدا
فليس يعولك أن تصرما
لما عفوت ولم أحقد على أحد أرحت نفسي من هم العداوات
إني أحيي عدوي عند رؤيته لأدفع الشر عني بالتحيات
وأظهر البشر للإنسان أبغضه كأنه قد حشى قلبي محبات
ولست أسلم ممن لست أعرفه فكيف أسلم من أهل المودات
الناس داء وداء الناس قربهم وفي الجفاء بهم قطع الأخوات
فجامل الناس واجمل ما استطعت وكن أصم أبكم أعمى ذا تقيات
الأبيات الأربعة الأولى ذكرها ابن عبد البر لهلال بن العلاء وقال من المتأخرين زمن هلاك بعضهم :
قوم مضوا كانت الدنيا بهم نزها والدهر كالعيد والأوقات أوقات [ ص: 54 ]
عدل وأمن وإحسان وبذل ندى وخفض عيش نقضيه وأوقات
ماتوا وعشنا فهم عاشوا بموتهم ونحن في صور الأحياء أموات
لله در زمان نحن فيه فقد أوذي بنا وعرتنا فيه نكبات
جور وخوف وذل ما له أمد وعيشة كلها هم وآفات
وقد بلينا بقوم لا خلاق لهم إلى مداراتهم تدعو الضرورات
ما فيهم من كريم يرتجى لندى كلا ولا لهم ذكر إذا ماتوا
عزوا وهنا فها نحن العبيد وهم من بعد ما ملكوا للناس سادات
لا الدين يوجد فيهم لا ولا لهم من المروءة ما تسمو به الذات
والصبر قد عز والآمال تطعمنا والعمر يمضي فتارات وتارات
والموت أهون مما نحن فيه فقد زالت من الناس والله المروآت
يا رب لطفك قد مال الزمان بنا من كل وجه وأبلتنا البليات
وقال أبو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى :
ما دمت حيا فدار الناس كلهم فإنما أنت في دار المداراة
من يدر دارى ومن لم يدر سوف يرى عما قليل نديما للندامات
وقال زهير :
ومن لم يصانع في أمور كثيرة يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم



