ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر .
876 - إبراهيم بن طهمان ، أبو سعيد الخراساني .
ولد بهراة ، ونشأ بنيسابور ، ورحل في طلب العلم ، فلقي جماعة من التابعين مثل: عبد الله بن دينار مولى ابن عمر ، وأبي الزبير محمد بن مسلم ، وعمرو بن دينار ، وأبي حازم الأعرج ، وأبي إسحاق الشيباني . وورد بغداد وحدث بها ، ثم انتقل إلى مكة فسكنها إلى آخر عمره .
وكان ثقة صالحا دينا جوادا ، وكان يميل إلى الإرجاء .
أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا محمد بن عمر بن بكير قال: أخبرنا الحسين بن أحمد قال: حدثنا أحمد بن ياسين قال:
سمعت إسحاق بن محمد يقول: قال مالك بن سليمان: كان لإبراهيم بن طهمان جراية من بيت المال فاخرة ، وكان يسخو بذلك ، فسئل يوما مسألة في مجلس الخليفة فقال:
لا أدري . فقالوا له: تأخذ في كل شهر كذا وكذا ولا تحسن مسألة؟ قال: إنما آخذه على ما أحسن ، ولو أخذت على ما لا أحسن لفني بيت المال ولا يفنى ما لا أحسن . [ ص: 266 ]
فأعجب أمير المؤمنين جوابه ، وأمر له بجائزة فاخرة وزاد في جرايته . أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب قال: أخبرنا محمد بن نعيم قال: حدثني أبو محمد عبد الله بن محمد الفقيه قال: حدثنا محمد بن صالح الصيمري قال: حدثنا أبو زرعة قال: سمعت أحمد بن حنبل - وذكر عنده إبراهيم بن طهمان ، وكان متكئا من علة فاستوى جالسا - وقال: لا ينبغي أن يذكر الصالحين متكئ ، ثم قال أحمد: حدثني رجل من أصحاب ابن المبارك ، قال:
رأيت ابن المبارك في المنام ومعه شيخ مهيب ، فقلت: من هذا معك؟ قال: أما تعرف؟ هذا سفيان الثوري . قلت: من أين أقبلتم؟ قال: نحن نزور كل يوم إبراهيم بن طهمان . قلت : وأين تزورونه؟ قال: في دار الصديقين ، دار يحيى بن زكريا .
توفي إبراهيم بن طهمان بمكة في هذه السنة .
877 - جرير بن عثمان بن عفان بن خيبر بن أحمد بن أسعد بن عثمان ، وقيل: أبو عون الرحبي الحمصي .
سمع عبد الله بن بشير صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلقا كثيرا من التابعين .
روى عنه: إسماعيل بن عياش ، وبقية ، ويزيد بن هارون ، واتفق العلماء على أنه ثقة ثبت لكنه اتهموه بأنه كان ينتقض لعلي بن أبي طالب عليه السلام .
أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي قال: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: أخبرنا يوسف بن أحمد الصيدلاني قال: حدثنا محمد بن عمرو العقيلي قال: حدثنا محمد بن إسماعيل قال: حدثنا الحسن بن علي الخولاني قال: حدثنا عثمان بن أبان قال: سمعت جرير بن عثمان يقول لأخيه: قتل إياي - يعني عليا عليه السلام .
أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر بن ثابت قال: حدثنا محمد بن [ ص: 267 ] عبد الله بن أبان الهيتي قال: أخبرنا الحسين بن عبد الله بن روح الجواليقي قال:
حدثني هارون بن رضى مولى محمد بن عبد الرحمن بن إسحاق القاضي قال: حدثنا أحمد بن سنان قال: سمعت يزيد بن هارون يقول: رأيت رب العزة تعالى في المنام ، فقال لي: يا أبا يزيد لا تكتب عن جرير بن عثمان ، فقلت: يا رب ما علمت منه إلا خيرا ، فقال لي: يا أبا يزيد لا تكتب عنه فإنه يسب عليا .
أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد الأزرق قال: حدثنا محمد بن الحسين النقاش قال: حدثنا مسيح بن حاتم قال: حدثنا سعيد بن شادي الواسطي قال: كنت في مجلس أحمد بن حنبل فقال له رجل: يا أبا عبد الله رأيت يزيد بن هارون في المنام ، فقلت له: ما فعل الله بك؟
قال: غفر لي ورحمني وعاتبني ، فقلت: غفر لك ورحمك وعاتبك ، فقال: نعم ، قال لي: يا يزيد بن هارون كتبت عن جرير بن عثمان؟ قلت: يا رب العزة ما علمت إلا خيرا ، قال: إنه كان يبغض أبا الحسن علي بن أبي طالب .
[قال المؤلف] : وقد روينا من طريق آخر قال: والله ما سببته قط ، وإني أترحم عليه .
توفي هذه السنة ، وقيل: في سنة ست وستين .
878 - سليمان بن القاسم بن عبد الرحمن مولى قريش ، ثم مولى لبني سهم .
روى عنه: عبد الله بن وهب وغيره ، وكان من العابدين الزهاد .
توفي في هذه السنة .
879 - عثمان بن الحكم الجذامي .
روى عن موسى بن عقبة وغيره ، وكان فقيها متدينا . عرض عليه القضاء بمصر فلم يقبل . وكان الليث أشار بولايته فهجر الليث لذلك .
توفي في هذه السنة . [ ص: 268 ]
880 - عبد الحميد بن سالم مولى مهرة .
روى عنه ابن وهب مقطعات ، وكان كاتبا في ديوان مصر في خلافة بني أمية .
[قال المؤلف] : وليس بعبد الحميد الذي يضرب به المثل في الكتابة ذلك كما ذكرنا توفي قبل هذا . وهذا توفي في هذه السنة .
881 - عبد الرحمن بن خالد بن يزيد ، أبو الحسن مولى بني جمح .
روى عنه: الليث ، وابن وهب ، ورشدين بن سعد ، وكان فقيها وهو أول من قدم بمسائل مالك إلى مصر .
وتوفي بالإسكندرية في هذه السنة .
882 - عيسى بن علي بن عبد الله بن عباس ، عم السفاح المنصور .
حدث عن أبيه ، وروى عنه: شيبان بن عبد الرحمن التميمي ، وإليه ينسب ببغداد قصر عيسى ونهر عيسى .
قال يحيى بن معين: كان له مذهب جميل ، وكان معتزلا للسلطان .
أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أنبأنا إبراهيم بن مخلد قال: أخبرنا إسماعيل بن علي الخطبي قال: توفي عيسى بن علي في سنة ثلاث وستين ومائة ، وصلى عليه موسى بن المهدي ، ومشى في جنازته من قصر عيسى إلى مقابر قريش ، وكان سنه ثمانيا وسبعين سنة رحمه الله .
وفي رواية: أن المهدي عسكر بالبردان في سنة أربع وستين يريد الشام ، وتوفي عيسى ، فرجع من عسكره فصلى عليه في مقابر قريش ، وعاد إلى عسكره .
883 - عبيدة بنت أبي كلاب .
بكت من خشية الله عز وجل أربعين سنة حتى ذهب بصرها .
أخبرنا عبيد الله بن علي المقرئ قال: أخبرنا الحسين بن أحمد بن طلحة قال: [ ص: 269 ]
أخبرنا محمد بن عبيد الله الحنائي قال: حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الختلي قال: حدثنا عبد الله بن معلى الكوفي ، عن يحيى بن بسطام قال: حدثني سلمة الأفقم قال: قلت لعبيدة بنت أبي كلاب ما تشتهي؟ قالت: الموت ، قلت: ولم؟ قالت: لأني والله في كل يوم أصبح أخشى أن أجني على نفسي جناية يكون فيها عطبي أيام الآخرة .
أخبرنا إسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا محمد بن هبة الله قال: أخبرنا ابن بشران قال: أخبرنا ابن صفوان قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثني محمد بن الحسين قال: حدثني عيسى بن مرحوم قال: حدثتني عبيدة بنت أبي كلاب قالت: رأيت رابعة في المنام ، قلت: ما فعلت عبيدة بنت أبي كلاب؟ قالت: هيهات سبقتنا والله إلى الدرجات العلى . قلت: وبم وقد كنت عند الناس أكبر منها . قالت: إنها لم تكن تبالي على ما أصبحت من الدنيا وأمست .
884 - محمد بن النضر الحارثي ، ويكنى أبا عبد الرحمن .
كان كثير التعبد مؤثرا للعزلة .
أخبرنا أبو بكر العامري قال: حدثنا ابن أبي صادق قال: أخبرنا ابن باكويه قال:
حدثنا محمد بن يوسف بن إبراهيم قال: حدثنا سعيد بن عمر قال: حدثنا عبد الله بن محمد الكرماني ، عن أبي أسامة قال: قلت: لمحمد بن النضر كأنك تكره أن تزار قال:
أجل ، قلت: أما تستوحش؟ قال: كيف أستوحش وهو يقول: "أنا جليس من ذكرني"!؟
885 - موسى بن علي بن رباح بن قيصر بن القشب ، أبو عبد الرحمن اللخمي ، أمير مصر لأبي جعفر المنصور .
ولد بأفريقية سنة تسعين ، قدم وافدا على هشام بن عبد الملك سنة عشرة ومائة ، وكان يخضب بالسواد .
روى عنه: الليث بن سعد ، وابن المبارك ، وابن وهب .
توفي [بالإسكندرية] في هذه السنة . [ ص: 270 ]



