[ ص: 97 ] المبحث الرابع: الرجوع في هبة الثواب
تقدم البحث في هبة الثواب، وأنه إذا شرط فيها العوض يغلب فيها حكم الهبة على الراجح، وقد اختلف العلماء في حكم الرجوع فيها على قولين:
القول الأول: أنه له الرجوع إذا لم يثب منها.
وهذا قول جمهور العلماء.
القول الثاني: أنه ليس له الرجوع فيها.
وبه قال ابن حزم.
الأدلة:
دليل الجمهور: ما تقدم عن الصحابة من أن الواهب أحق بهبته ما لم يثب منها.
ودليل ابن حزم ما تقدم:
ما الأدلة على تحريم الرجوع في الهبة
وأما إذا كان العوض متأخرا عن العقد غير مشروط فيه; بأن عوض الموهوب له الواهب عن هبته، فقال: هذا عوض عن هبتك، فاختلف الفقهاء في امتناع الرجوع بذلك على قولين: [ ص: 98 ]
القول الأول: أن ذلك مانع من الرجوع في الهبة.
قال به الحنفية، والمالكية.
قال السرخسي: "وإذا عوض الموهوب له الواهب من هبته عوضا وقبضه الواهب لم يكن للواهب أن يرجع في هبته، ولا للمعوض أن يرجع في عوضه".
جاء في المدونة: "قلت: أرأيت إن وهبت لرجل هبة فعوضني منها، أيكون لواحد منا أن يرجع في شيء مما أعطى في قول مالك؟ قال: لا. . .
"القول الثاني: أن العوض عن الهبة يعتبر هبة مبتدأة، فلا يمنع ذلك الرجوع فيها.
قال به الشافعية، والحنابلة، لكنهم يخصون جواز الرجوع بهبة الوالد.
قال ابن قدامة: "والهبة المطلقة لا تقتضي ثوابا، سواء كانت من الإنسان لمثله أو دونه أو أعلى منه ...".



