القاعدة الخامسة هل العبرة بصيغ العقود ، أو بمعانيها ؟    " خلاف : والترجيح مختلف في الفروع : فمنها : إذا قال : اشتريت منك ثوبا ، صفته كذا بهذه الدراهم . فقال : بعتك    ; فرجح الشيخان    : أنه ينعقد بيعا ، اعتبارا باللفظ ، والثاني ورجحه السبكي  سلما ، اعتبارا بالمعنى ومنها : إذا وهب بشرط الثواب ، فهل يكون بيعا اعتبارا بالمعنى ، أو هبة اعتبارا باللفظ  ؟ الأصح الأول . 
ومنها : بعتك بلا ثمن ، أو لا ثمن لي عليك فقال : اشتريت وقبضه  ، فليس بيعا ، وفي انعقاده هبة قولا تعارض اللفظ ، والمعنى . 
ومنها : إذا قال : بعتك ، ولم يذكر ثمنا  ، فإن راعينا المعنى انعقد هبة ، أو اللفظ ، فهو بيع فاسد . 
ومنها : إذا قال : بعتك : إن شئت  ، إن نظرنا إلى المعنى صح ، فإنه لو لم يشأ لم يشتر ، وهو الأصح ، وإن نظرنا إلى لفظ التعليق بطل . 
ومنها : لو قال أسلمت إليك هذا الثوب في هذا العبد  ، فليس بسلم قطعا ، ولا ينعقد بيعا على الأظهر . لاختلال اللفظ ، والثاني : نعم ، نظرا إلى المعنى . 
ومنها : إذا قال لمن عليه الدين : وهبته منك  ، ففي اشتراط القبول وجهان : 
أحدهما : يشترط اعتبارا بلفظ الهبة . 
والثاني : لا اعتبارا بمعنى الإبراء وصححه الرافعي  في كتاب الصداق . ومنها : لو صالحه من ألف في الذمة على خمسمائة في الذمة  ، صح وفي اشتراط القبول وجهان . 
 [ ص: 167 ] قال الرافعي    : الأظهر اشتراطه . قيل وقد يقال : إنه مخالف لما صححه في الهبة ، وليس كذلك فقد قال السبكي  ، إن اعتبرنا اللفظ اشترط القبول في الهبة والصلح ، وإن اعتبرنا المعنى اشترط في الهبة دون الصلح . 
ومنها : إذا قال : أعتق عبدك عني بألف هل هو بيع أو عتق بعوض ؟  وجهان . 
فائدتهما إذا قال : أنت حر غدا على ألف ، إن قلنا : بيع فسد ، ولا تجب قيمة العبد ، وإن قلنا عتق بعوض صح ووجب المسمى ، ذكرها الهروي  وشريح  في أدب القضاء . 
ومنها : إذا قال خالعتك ولم يذكر عوضا  ، قال الهروي  فيه قولان بناء على القاعدة أحدهما : لا شيء . 
والثاني : خلع فاسد يوجب مهر المثل ، وهو المصحح في المنهاج ، على كلام فيه سيأتي في مبحث التصريح والكناية . 
ومنها : لو قال : خذ هذه الألف مضاربة  ، ففي قول إبضاع لا يجب فيه شيء ، وفي آخر مضاربة فاسدة توجب المثل . 
ومنها : الرجعة بلفظ النكاح  ، فيها خلاف خرجه الهروي  على القاعدة والأصح صحتها به . 
ومنها : لو باع المبيع للبائع قبل قبضه بمثل الثمن الأول  ، فهو إقالة بلفظ البيع ، ذكره صاحب التتمة وخرجه السبكي  على القاعدة . 
قال : ثم رأيت التخريج  للقاضي حسين    . قال : إن اعتبرنا اللفظ لم يصح ، وإن اعتبرنا المعنى فإقالة . 
ومنها : إذا قال : استأجرتك لتتعهد نخلي بكذا من ثمرتها  ، فالأصح أنه إجارة فاسدة . نظرا إلى اللفظ وعدم وجود شرط الإجارة ، والثاني أنه يصح مساقاة ، نظرا إلى المعنى ومنها : لو تعاقدا في الإجارة بلفظ المساقاة فقال : ساقيتك على هذه النخيل مدة كذا بدراهم معلومة  ، فالأصح أنه مساقاة فاسدة نظرا إلى اللفظ وعدم وجود شرط المساقاة ، إذ من شرطها أن لا تكون بدراهم ، والثاني : تصح إجارة نظرا إلى المعنى . 
ومنها : إذا عقد بلفظ الإجارة على عمل في الذمة  ، فالصحيح اعتبار قبض الأجرة في المجلس ; لأن معناه معنى السلم ، وقيل : لا ، نظرا إلى لفظ الإجارة . 
ومنها : لو عقد الإجارة بلفظ البيع فقال : بعتك منفعة هذه الدار شهرا  ، فالأصح لا ينعقد نظرا إلى اللفظ . وقيل ينعقد نظرا إلى المعنى 
ومنها : إذا قال : قارضتك على أن كل الربح لك  فالأصح أنه قراض فاسد رعاية للفظ ، والثاني قراض صحيح رعاية للمعنى . 
وكذا لو قال : على أن كله لي ، فهل هو قراض فاسد أو إبضاع ؟ الأصح الأول . 
 [ ص: 168 ] وكذا لو قال : أبضعتك على أن نصف الربح لك ; فهل هو إبضاع ، أو قراض ؟  فيه الوجهان . 
ومنها : إذا وكله أن يطلق زوجته طلاقا منجزا وكانت قد دخلت الدار فقال لها : إن كنت دخلت الدار فأنت طالق فهل يقع الطلاق ؟  فيه وجهان ، لأنه منجز من حيث المعنى ، معلق من حيث اللفظ . 
ومنها : إذا اشترى جارية بعشرين ، وزعم أن الموكل أمره فأنكر  ، يتلطف الحاكم بالموكل ليبيعها له ، فلو قال إن كنت أمرتك بعشرين فقد بعتكها بها ، فالأصح الصحة نظرا إلى المعنى ; لأنه مقتضى الشرع . 
والثاني لا ، نظرا إلى صيغة التعليق . 
ومنها : إذا قال لعبد بعتك نفسك بكذا  ، صح ، وعتق في الحال ، ولزمه المال في ذمته نظرا للمعنى ، وفي قول لا يصح نظرا إلى اللفظ 
ومنها : إذا قال : إن أديت لي ألفا فأنت حر  ، فقيل : كتابة فاسدة ، وقيل معاملة صحيحة . ومنها : إذا قصد بلفظ الإقالة البيع  ، فقيل يصح بيعا نظرا للمعنى ، وقيل لا يصح نظرا إلى اختلال اللفظ . 
ومنها : إذا قال ضمنت ما لك على فلان بشرط أنه بريء  ، ففي قول أنه ضمان فاسد نظرا إلى اللفظ وفي قول ، حوالة بلفظ الضمان نظرا إلى المعنى والأصح الأول . 
ومنها : لو قال أحلتك بشرط أن لا أبرأ  ، ففيه القولان والأصح : فساده . 
ومنها : البيع من البائع قبل القبض  ، قيل يصح ويكون فسخا اعتبارا بالمعنى والأصح لا ، نظرا إلى اللفظ . 
ومنها : إذا وقف على قبيلة غير منحصرة  ، كبني تميم  مثلا ، وأوصى لهم ، فالأصح الصحة اعتبارا بالمعنى ، ويكون المقصود الجهة لا الاستيعاب كالفقراء والمساكين . 
والثاني لا يصح اعتبارا باللفظ ، فإنه تمليك لمجهول . 
ومنها : إذا قال : خذ هذا البعير ببعيرين ، فهل يكون قرضا فاسدا نظرا إلى اللفظ أو بيعا نظرا إلى المعنى ؟  وجهان 
ومنها لو ادعى الإبراء فشهد له شاهدان أنه وهبه ذلك ، أو تصدق عليه ، فهل يقبل نظرا إلى المعنى أو لا ، نظرا إلى اللفظ  ؟ وجهان . 
ومنها : هبة منافع الدار هل تصح وتكون إعارة نظرا إلى المعنى أو لا ؟  وجهان حكاهما الرافعي  في الهبة من غير ترجيح ، ورجح البلقيني    : أنه تمليك منافع الدار ، وأنه لا يلزم إلا ما استهلك من المنافع . 
ومنها : لو قال : إذا دخلت الدار فأنت طالق  ، فهل هو حلف نظرا إلى المعنى ; لأنه  [ ص: 169 ] تعلق به منع أو لا ، نظرا إلى اللفظ لكون " إذا " ليست من ألفاظه لما فيه من التأقيت بخلاف " إن " وجهان ، الأصح الأول . 
ومنها : لو وقف على دابة فلان  ، فالأصح البطلان نظرا إلى اللفظ ، والثاني يصح نظرا إلى المعنى ويصرف في علفها . 
فلو لم يكن لها مالك بأن كانت وقفا ، فهل يبطل نظرا للفظ ، أو يصح نظرا للمعنى ، وهو الإنفاق عليها إذ هو من جملة القرب ؟ وجهان ، حكاهما ابن الوكيل    . 


						
						
