الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
//
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 447 ] كتاب الكفالة  

                                                                                                                                            وهي ضم ذمة الكفيل إلى ذمة الأصيل في المطالبة ، ولا تصح إلا ممن يملك التبرع  ، وتجوز بالنفس والمال  ، وتنعقد بالنفس بقوله : تكفلت بنفسه أو برقبته ، وبكل عضو يعبر به عن البدن ، وبالجزء الشائع كالخمس والعشر ، وبقوله : ضمنته ، وبقوله : علي ، وإلي ، وأنا : زعيم ، أو قبيل . والواجب إحضاره وتسليمه في مكان يقدر على محاكمته ، فإذا فعل ذلك برئ ، ولو سلفه في مصر آخر برئ ، فإن شرط تسليمه في وقت معين لزمه إحضاره فيه إذا طلبه منه ، فإن أحضره وإلا حبسه الحاكم ، فإذا مضت المدة ولم يحضره حبسه ، وإذا حبسه وثبت عند القاضي عجزه عن إحضاره خلى سبيله ، وإذا لم يعلم مكانه لا يطالب به ، وتبطل بموت الكفيل والمكفول به دون المكفول له; وإن تكفل به إلى شهر فسلمه قبل الشهر برأ  ، وإن قال : إن لم أوفك به فعلي الألف التي عليه فلم يوف به ، فعليه الألف والكفالة باقية; والكفالة بالمال جائزة إذا كان دينا صحيحا حتى لا تصح ببدل الكتابة والسعاية والأمانات والحدود والقصاص ، وإذا صحت الكفالة فالمكفول له إن شاء طالب الكفيل وإن شاء طالب الأصيل ولو شرط عدم مطالبة الأصيل فهي حوالة كما إذا شرط في الحوالة مطالبة المحيل تكون كفالة ، وتجوز بأمر المكفول عنه وبغير أمره  ، فإن كانت بأمره فأدى رجع عليه ، وإن كانت بغير أمره لم يرجع عليه ، وإذا طولب الكفيل ولوزم ، طالب المكفول عنه ولازمه ، وإن أدى الأصيل أو أبرأه رب الدين برأ الكفيل ، وإن أبرئ الكفيل لم يبرأ الأصيل ، وإن أخر عن الأصيل تأخر عن الكفيل وبالعكس لا; وإن قال الطالب للكفيل : برئت إلي من المال رجع به على الأصيل ، وإن قال : أبرأتك لم يرجع ، ولا يصح تعليق البراءة منها بشرط ، وتصح الكفالة بالأعيان المضمونة بنفسها كالمقبوض على سوم الشراء والمغصوب والمبيع فاسدا; ولا تصح بالمضمونة بغيرها كالمبيع والمرهون ولا تصح إلا بقبول المكفول له ( ف ) في المجلس ( س ) إلا إذا قال المريض لوارثه : تكفل بما علي من الدين ، فتكفل والغريم غائب  فيصح ، ولو قال لأجنبي فيه اختلاف المشايخ; ولا تصح الكفالة عن الميت ( سم ) المفلس ( ف ) ويجوز تعليق الكفالة  بشرط ملائم كشرط وجوب الحق ، وهو قوله : ما بايعت فلانا فعلي ، أو ما ذاب لك عليه فعلي أو ما غصبك فعلي ، أو بشرط إمكان الاستيفاء ، كقولي : إن قدم فلان فعلي وهو مكفول عنه ، أو بشرط تعذر الاستيفاء كقوله : إن غاب فعلي ، ولا يجوز بمجرد الشرط كقوله : إن هبت الريح أو جاء المطر ، فلو جعلهما أجلا بأن قال : كفلته إلى مجيء المطر أو إلى هبوب الريح لا يصح ، ويجب المال حالا ، فإن قال : تكفلت بما لك عليه فقامت البينة بشيء لزمه ، وإن لم تكن له بينة فالقول قول الكفيل ، ولا يسمع قول الأصيل عليه; ولا تصح الكفالة بالحمل على دابة بعينها  ، وتصح بغير عينها .

                                                                                                                                            عليهما دين ، وكل واحد منهما كفيل عن الآخر ، فما أداه أحدهما لم يرجع على صاحبه حتى يزيد على النصف فيرجع بالزيادة ، فإن تكفلا عن رجل وكل واحد منهما كفيل عن الآخر ، فما أداه أحدهما رجع بنصفه على الآخر ، " وإن ضمن عن رجل خراجه وقسمته ، ونوائبه  جاز إن كانت النوائب بحق ككري النهر ، وأجرة الحارس ، وتجهيز الجيش وفداء الأسارى ، وإن لم تكن بحق كالجبايات ، قالوا : تصح في زماننا .

                                                                                                                                            [ ص: 447 ]

                                                                                                                                            التالي السابق



                                                                                                                                            الخدمات العلمية