والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم    . 
قوله تعالى: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا  روى  ابن حيان  أن هذه الآية نزلت في رجل من أهل الطائف ،  يقال: له حكيم بن الحارث  هاجر إلى المدينة ،  ومعه أبواه وامرأته ، وله أولاد ، فمات فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية ، فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم ، أبويه وأولاده من ميراثه ، ولم يعط امرأته شيئا ، غير أنه أمرهم أن ينفقوا عليها من تركة زوجها حولا . 
قوله تعالى:  (وصية لأزواجهم)  قرأ  أبو عمرو ،   وحمزة   وابن عامر   "وصية" بالنصب ، وقرأ  ابن كثير ،   ونافع ،   والكسائي   "وصية" بالرفع . وعن  عاصم  كالقراءتين . قال أبو علي:  من نصب حمله على الفعل ، أي: ليوصوا وصية ، ومن رفع ، فمن وجهين . 
 [ ص: 286 ] أحدهما: أن يجعل الوصية مبتدأ ، والخبر لأزواجهم . والثاني: أن يضمر له خبرا ، تقديره: فعليهم وصية . والمراد من قارب الوفاة ، فليوص ، لأن المتوفى لا يؤمر ولا ينهى . 
قوله تعالى:  (متاعا إلى الحول)  أي: متعوهن إلى الحول ، ولا تخرجوهن . والمراد بذلك نفقة السنة وكسوتها وسكناها  (فإن خرجن)  أي: من قبل أنفسهن  (فلا جناح عليكم)  يعني: أولياء الميت . في ما فعلن في أنفسهن من معروف  يعني التشوف إلى النكاح . وفي ماذا رفع الجناح عن الرجال؟ فيه قولان . أحدهما: أنه في قطع النفقة عنهن إذا خرجن قبل انقضاء الحول . والثاني: في ترك منعهن من الخروج ، لأنه لم يكن مقامها الحول واجبا عليها ، بل كانت مخيرة في ذلك . 
فصل 
ذكر علماء التفسير أن أهل الجاهلية كانوا إذا مات أحدهم ، مكثت زوجته في بيته حولا ، ينفق عليها من ميراثه ، فإذا تم الحول ، خرجت إلى باب بيتها ، ومعها بعرة ، فرمت بها كلبا ، وخرجت بذلك من عدتها . وكان معنى رميها بالبعرة أنها تقول: مكثي بعد وفاة زوجي أهون عندي من هذه البعرة . ثم جاء الإسلام ، فأقرهم على ما كانوا عليه من مكث الحول بهذه الآية ، ثم نسخ ذلك بالآية المتقدمة في نظم القرآن على هذه الآية ، وهي قوله تعالى: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا   [ ص: 287 ] ونسخ الأمر بالوصية لها بما فرض لها من ميراثه . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					