ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم    . 
قوله تعالى: ويسألونك عن اليتامى  في سبب نزولها قولان . أحدهما: أنه لما أنزل الله تعالى: ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن   [ الإسراء: 34 ] و إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما   [ النساء: 9 ] انطلق من كان عنده مال يتيم ، فعزل طعامه من طعامه ، وشرابه من شرابه ، فجعل يفضل الشيء من طعامه فيحبس له حتى  [ ص: 244 ] يأكله أو يفسد . فاشتد ذلك عليهم ، فذكروه للنبي ، صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية هذا قول  ابن عباس ،   وعطاء ،   وسعيد بن جبير ،   وقتادة ،   ومقاتل .  والثاني: أن العرب  كانوا يشددون في أمر اليتيم حتى لا يأكلون معه في قصعته ، ولا يستخدمون له خادما . فسألوا النبي ، صلى الله عليه وسلم ، عن مخالطتهم ، فنزلت هذه الآية ، ذكره  السدي  عن أشياخه ، وهو قول  الضحاك .  
وفي السائلين للنبي ، صلى الله عليه وسلم ، عن ذلك قولان . أحدهما: أن الذي سأله ثابت بن رفاعة الأنصاري ،  قاله  مقاتل .  والثاني:  عبد الله بن رواحة ،  قاله  أبو سليمان الدمشقي .  
قوله تعالى:  (قل إصلاح لهم خير)  قال  ابن قتيبة:  معناه: تثمير أموالهم ، والتنزه عن أكلها لمن وليها خير .  (وإن تخالطوهم فإخوانكم)  أي: فهم إخوانكم ، في ذلك حكم إخوانكم . قال  ابن عباس:  والمخالطة: أن يشرب من لبنك ، وتشرب من لبنه ، ويأكل في قصعتك ، وتأكل في قصعته . والله يعلم المفسد من المصلح  يريد: المتعمد . أكل مال اليتيم ، من المنحرج الذي لا يألو إلا الإصلاح . ولو شاء الله لأعنتكم  قال  ابن عباس:  أي لأحرجكم ، ولضيق عليكم . وقال  ابن الأنباري:  أصل العنت: التشديد . تقول العرب:  فلان يتعنت فلانا ويعنته ، أي: يشدد عليه ، ويلزمه بما يصعب عليه أداؤه [قال: ثم نقلت إلى معنى الهلاك ] واشتقاق الحرف ، من قول العرب:  أكمة عنوت: إذا كانت شديدة شاقة [المصعد ] ، فجعلت هذه اللفظة مستعملة في كل شدة . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					