أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون   
أفحكم الجاهلية يبغون  فيه وجهان أحدهما : أن قريظة والنضير طلبوا إليه أن يحكم بما كان يحكم به أهل الجاهلية من التفاضل بين القتلى ، وروي : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم : "القتلى بواء" فقال بنو النضير   : نحن لا نرضى بذلك فنزلت ، والثاني : أن يكون  [ ص: 249 ] تعبيرا لليهود بأنهم أهل كتاب وعلم ، وهم يبغون حكم الملة الجاهلية التي هي هوى وجهل ، لا تصدر عن كتاب ولا ترجع إلى وحي من الله تعالى وعن  الحسن :  هو عام في كل من يبغي غير حكم الله، والحكم حكمان : حكم بعلم فهو حكم الله ، وحكم بجهل فهو حكم الشيطان ، وسئل  طاوس  عن الرجل يفضل بعض ولده على بعض  ، فقرأ هذه الآية ، وقرئ : "تبغون" ، بالتاء والياء ، وقرأ  السلمي :   "أفحكم الجاهلية يبغون" ، برفع الحكم على الابتداء ، وإيقاع يبغون خبرا وإسقاط الراجع عنه كإسقاطه عن الصلة في أهذا الذي بعث الله رسولا   [الفرقان : 31] وعن الصفة في الناس رجلان : رجل أهنت ، ورجل أكرمت ، وعن الحال في "مررت بهند يضرب زيد" وقرأ  قتادة : "  أفحكم الجاهلية" على أن هذا الحكم الذي يبغونه إنما يحكم به أفعى نجران  ، أو نظيره من حكام الجاهلية ، فأرادوا بسفههم أن يكون محمد  خاتم النبيين حكما كأولئك الحكام . اللام في قوله : لقوم يوقنون  للبيان كاللام في "هيت لك" أي : هذا الخطاب وهذا الاستفهام لقوم يوقنون ، فإنهم الذين يتيقنون ألا أعدل من الله ولا أحسن حكما منه . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					