قوله تعالى : فوسوس لهما الشيطان   الآيات . 
أخرج  ابن جرير  ، عن محمد بن قيس  قال : نهى الله آدم  وحواء  أن يأكلا من شجرة واحدة في الجنة ، فجاء الشيطان فدخل في جوف الحية ، فكلم حواء  ، ووسوس إلى آدم  فقال : ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين  وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين  فقطعت حواء  الشجرة ، فدميت الشجرة ، وسقط عنهما رياشهما الذي كان عليهما ،  [ ص: 342 ] وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين  لم أكلتها وقد نهيتك عنها ؟ قال : يا رب أطعمتني حواء  ، قال لحواء   : لم أطعمتيه ؟ قالت : أمرتني الحية ، قال للحية : لم أمرتيها ؟ قالت : أمرني إبليس ، قال : ملعون مدحور ، أما أنت يا حواء  ، فكما أدميت الشجرة تدمين في كل هلال ، وأما أنت يا حية ، فأقطع قوائمك ، فتمشين جرا على وجهك ، وسيشدخ رأسك من لقيك بالحجر ، اهبطوا بعضكم لبعض عدو   . 
وأخرج  ابن المنذر  ، عن أبي غنيم سعيد بن حدير الحضرمي  قال : لما أسكن الله آدم  وحواء  الجنة ، خرج آدم  يطوف في الجنة ، فاغتنم إبليس غيبته ، فأقبل حتى بلغ المكان الذي فيه حواء  ، فصفر بقصبة معه صفيرا سمعته حواء  ، وبينها وبينه سبعون قبة ، بعضها في جوف بعض ، فأشرفت حواء  عليه ، فجعل يصفر صفيرا لم يسمع السامعون بمثله من اللذة والشهوة والسماع ، حتى ما بقي من حواء  عضو مع آخر إلا تخلج ، فقالت : أنشدك بالله العظيم لما أقصرت عني ، فإنك قد أهلكتني ، فنزع القصبة ثم قلبها ، فصفر صفيرا آخر ، فجاش البكاء والنوح والحزن بشيء لم يسمع السامعون بمثله ، حتى قطع فؤادها بالحزن والبكاء ، فقالت : أنشدك بالله العظيم لما أقصرت عني ، ففعل ، فقالت له : ما  [ ص: 343 ] هذا الذي جئت به ، أخذتني بأمر الفرح ، وأخذتني بأمر الحزن ، قال : ذكرت منزلتكما من الجنة ، وكرامة الله إياكما ، ففرحت لكما بمكانكما ، وذكرت أنكما تخرجان منها ، فبكيت لكما وحزنت عليكما ، ألم يقل لكما ربكما : متى تأكلان من هذه الشجرة تموتان وتخرجان منها ، انظري يا حواء  إلي ، فإذا أنا أكلتها ، فإن أنا مت أو تغير من خلقي شيء فلا تأكلا منها ، أقسم لكما بالله ما نهاكما ربكما عن أكل هذه الشجرة إلا لكيما لا تخلدان في الجنة ، وأقسم بالله إني لكما لمن الناصحين ، فانطلق إبليس حتى تناول من تلك الشجرة ، فأكل منها ، وجعل يقول : يا حواء  انظري هل تغير من خلقي شيء أم هل مت ؟ قد أخبرتك ما أخبرتك ، ثم أدبر منطلقا ، وأقبل آدم  من مكانه الذي كان يطوف به من الجنة ، فوجدها منكبة على وجهها حزينة ، فقال لها آدم   : ما شأنك ، قالت : أتاني الناصح المشفق قال : ويحك ، لعله إبليس الذي حذرناه الله . قالت : يا آدم  والله لقد مضى إلى الشجرة فأكل منها وأنا أنظر ، فما مات ولا تغير من جسده شيء ، فلم تزل به تدليه بالغرور ، حتى مضى آدم  وحواء  إلى الشجرة فأهوى آدم  بيده إلى الثمرة ليأخذها من الشجرة ، فناداه جميع شجر الجنة : يا آدم  لا تأكلها ، فإنك إن أكلتها تخرج منها ، فعزم آدم  على المعصية ، فأخذ ليتناول الشجرة ، فجعلت الشجرة تتطاول ، ثم جعل يمد يده ليأخذها ، فلما وضع يده على الثمرة اشتدت ، فلما رأى الله منه العزم على المعصية ، أخذها وأكل منها ، وناول حواء  فأكلت ، فسقط منها لباس  [ ص: 344 ] الجمال الذي كان عليهما في الجنة ، بدت لهما سوآتهما  وابتدرا يستكنان بورق الجنة ؛ يخصفان عليهما من ورق الجنة  ويعلم أن الله ينظر إليهما ، فأقبل الرب في الجنة فقال : يا آدم  أين أنت ؟ اخرج . قال : يا رب أنا ذا أستحي أخرج إليك ، قال : فلعلك أكلت من الشجرة التي نهيتك عنها . قال : يا رب هذه التي جعلتها معي أغوتني ، قال : فمني تختبئ يا آدم  ؟! أولم تعلم أن كل شيء لي يا آدم  ؟ وأنه لا يخفى علي شيء في ظلمة ولا في نهار ؟ قال : فبعث إليهما ملائكة يدفعان في رقابهما حتى أخرجوهما من الجنة ، فأوقفا عريانين ، إبليس معهما بين يدي الله ، فعند ذلك قضى عليهما وعلى إبليس ما قضى ، وعند ذلك أهبط إبليس معهما ، وتلقى آدم  من ربه كلمات فتاب عليه ، وأهبطوا جميعا . 
وأخرج  الحكيم الترمذي  في نوادر الأصول ،  وابن جرير  ،  وابن أبي حاتم  ،  وأبو الشيخ  ،  وابن عساكر  ، عن  وهب بن منبه  في قوله : ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما  قال : كان على كل واحد منهما نور ، لا يبصر كل واحد منهما عورة صاحبه ، فلما أصابا الخطيئة نزع عنهما . 
وأخرج  ابن أبي حاتم  ، عن  السدي  في الآية قال : ليهتك لباسهما ، وكان قد علم أن لهما سوأة ، لما كان يقرأ من كتب الملائكة ، ولم يكن آدم  يعلم ذلك ،  [ ص: 345 ] وكان لباسهما الظفر . 
وأخرج  عبد بن حميد  ،  وابن أبي حاتم  ، عن  ابن عباس  قال : أتاهما إبليس قال : ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين   : تكونا مثله ، يعني مثل الله عز وجل ، فلم يصدقاه حتى دخل في جوف الحية فكلمهما . 
وأخرج  ابن جرير  ، عن  ابن عباس  أنه كان يقرأ : ( " إلا أن تكونا ملكين " ) بكسر اللام . 
وأخرج  ابن أبي حاتم  ، عن  مجاهد  أنه كان يقرأ إلا أن تكونا ملكين  بنصب اللام من الملائكة . 
وأخرج  ابن أبي حاتم  ،  وأبو الشيخ  ، عن  الحسن  في قوله : إلا أن تكونا ملكين  قال : ذكر تفضيل الملائكة ، فضلوا بالصور ، وفضلوا بالأجنحة ، وفضلوا بالكرامة . 
وأخرج  ابن المنذر  ،  وابن أبي حاتم  ،  وأبو الشيخ  ، عن  وهب بن منبه  قال : إن في الجنة شجرة لها غصنان ؛ أحدهما تطوف به الملائكة ، والآخر قوله : ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين  يعني : من الملائكة الذين  [ ص: 346 ] يطوفون بذلك الغصن . 
وأخرج  أبو الشيخ  ، عن  ابن عباس  ، أنه كان يقرأ هذه الآية : ( ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين ) فإن أخطأكما أن تكونا ملكين لم يخطئكما أن تكونا خالدين فلا تموتان فيها أبدا ، وقاسمهما   قال : حلف لهما إني لكما لمن الناصحين   . 
وأخرج  ابن أبي حاتم  ، عن  السدي  في قوله : أو تكونا من الخالدين  يقول : لا تموتون أبدا ، وفي قوله : وقاسمهما  قال : حلف لهما بالله . 
وأخرج  عبد بن حميد  ،  وابن جرير  ،  وابن المنذر  ،  وابن أبي حاتم  ،  وأبو الشيخ  ، عن  قتادة  في قوله : وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين  قال : حلف لهما بالله حتى خدعهما ، وقد يخدع المؤمن بالله ، قال لهما : إني خلقت قبلكما ، وأنا أعلم منكما ، فاتبعاني أرشدكما . قال قتادة   : وكان بعض أهل العلم يقول : من خادعنا بالله خدعنا . 
وأخرج  ابن جرير   وأبو الشيخ  ، عن  الربيع بن أنس  قال : في بعض القراءة : ( " وقاسمهما بالله إني لكما لمن الناصحين " ) . 
وأخرج  ابن أبي حاتم  ،  وأبو الشيخ  ، عن  محمد بن كعب  في قوله : فدلاهما بغرور  قال : مناهما بغرور . 
 [ ص: 347 ] وأخرج  عبد الرزاق  ،  وابن جرير  ،  وابن المنذر  ، عن  قتادة  في قوله : فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما   وكان قبل ذلك لا يراها . 
وأخرج  ابن أبي شيبة  ،  وابن المنذر  ، عن  عكرمة  قال : لباس كل دابة منها ولباس الإنسان الظفر ، فأدركت آدم  التوبة عند ظفره . 
وأخرج  الفريابي  ،  وابن أبي شيبة  ،  وعبد بن حميد  ،  وابن جرير  ،  وابن المنذر  ،  وابن أبي حاتم  ،  وأبو الشيخ  ،  وابن مردويه   والبيهقي  في "سننه" ،  وابن عساكر  في تاريخه ، عن  ابن عباس  قال : كان لباس آدم  وحواء  كالظفر ، فلما أكلا من الشجرة لم يبق عليهما إلا مثل الظفر ، وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة  قال : ينزعان ورق التين فيجعلانه على سوآتهما . 
وأخرج  ابن أبي حاتم  ، عن  ابن عباس  قال : لما أسكن الله آدم  الجنة كساه سربالا من الظفر ، فلما أصاب الخطيئة سلبه السربال ، فبقي في أطراف أصابعه . 
وأخرج  عبد بن حميد  ،  وابن المنذر  ،  وابن أبي حاتم  ،  وأبو الشيخ  ، عن  ابن عباس  قال : كان لباس آدم  الظفر بمنزلة الريش على الطير ، فلما عصى سقط عنه لباسه ، وتركت الأظفار زينة ومنافع . 
وأخرج  ابن أبي حاتم  ، عن  أنس بن مالك  قال : كان لباس آدم  في الجنة  [ ص: 348 ] الياقوت ، فلما عصى قلص فصار الظفر . 
وأخرج  ابن أبي حاتم  ، عن  السدي  قال : كان آدم  طوله ستون ذراعا ، فكساه الله هذا الجلد ، وأعانه بالظفر يحتك به . 
وأخرج  ابن أبي شيبة  ،  وعبد بن حميد  ،  وابن جرير  ،  وابن المنذر  ،  وابن أبي حاتم  ،  وأبو الشيخ  ، عن  مجاهد  في قوله : وطفقا يخصفان  قال : يرقعان كهيئة الثوب . 
وأخرج  ابن أبي حاتم  ، عن  السدي  في قوله : وطفقا يخصفان عليهما  قال : أقبلا يغطيان عليهما . 
وأخرج  عبد بن حميد  ،  وابن أبي حاتم  ، عن  قتادة  في قوله : يخصفان عليهما من ورق الجنة  قال : يوصلان عليهما من ورق الجنة . 
وأخرج  ابن أبي حاتم  ، عن  محمد بن كعب القرظي  في قوله : وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة  قال : يأخذان ما يواريان به عورتهما . 
وأخرج  ابن أبي حاتم  ، عن  السدي   : وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة  قال آدم   : رب إنه خلف لي بك ، ولم أكن أظن أن أحدا من خلقك  [ ص: 349 ] يحلف بك إلا صادقا . 
وأخرج  ابن أبي حاتم  ، عن  ابن عباس  في قوله : قالا   قال : آدم  وحواء  ، ربنا ظلمنا أنفسنا  يعني : ذنبا أذنبناه ، فغفره لهما . 
وأخرج  عبد بن حميد  ، عن  الحسن   : قالا ربنا ظلمنا أنفسنا  الآية ، قال : هي الكلمات التي تلقى آدم  من ربه . 
وأخرج  عبد بن حميد  ، عن  الضحاك  ، مثله . 
وأخرج  أحمد  في الزهد  وأبو الشيخ  ، عن  قتادة  قال : إن المؤمن ليستحي ربه من الذنب إذا وقع به ، ثم يعلم بحمد الله أين المخرج ؛ يعلم أن المخرج في الاستغفار والتوبة إلى الله عز وجل ، فلا يحتشمن رجل من التوبة ، فإنه لولا التوبة لم يخلص أحد من عباد الله ، وبالتوبة أدرك الله أباكم الرئيس في الخير من الذنب حين وقع فيه . 
وأخرج  أبو الشيخ  ، عن كريب  قال : دعاني  ابن عباس  فقال : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبد الله  إلى فلان حبر تيماء  ، حدثني عن قوله : ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين   فقال : هو مستقره فوق الأرض ، ومستقره في الرحم ، ومستقره تحت الأرض ، ومستقره حيث يصير إلى الجنة أو إلى النار . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					