وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا   
قوله تعالى: وإذا ضربتم في الأرض  أي سرتم ، لأنه يضرب الأرض  [ ص: 523 ] 
برجله في سيره كضربه بيده ، ولذلك سمي السفر في الأرض ضربا. فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا  اختلف في هذا القصر المشروط بالخوف على قولين: أحدهما: أنه قصر أركانها إذا خاف ، مع استيفاء أعدادها فيصلي عند المسايفة والتحام القتال كيف أمكنه قائما وقاعدا وموميا ، وهي مثل قوله: فإن خفتم فرجالا أو ركبانا   [البقرة: 239] وهذا قول  ابن عباس   . والثاني: أنه قصر أعدادها من أربع إلى ما دونها ، وفيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أن هذا مشروط بالخوف من أربع إلى ركعتين ، فإن كان آمنا مقيما لم يقصر ، وهذا قول  سعد بن أبي وقاص  ،  وداود بن علي.  والثاني: أنه قصران ، فقصر الأمن ، من الأربع إلى ركعتين ، وقصر الخوف من ركعتين إلى ركعة ، وهذا قول  جابر بن عبد الله   والحسن.  وقد روى  مجاهد  عن  ابن عباس  قال: فرض الله عز وجل على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين ، وفي الخوف ركعة. والثالث: أنه يقصر في سفر خائفا وآمنا من أربع إلى ركعتين لا غير. روي عن  أبي أيوب  عن  علي  عليه السلام قال: سأل قوم من التجار رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله، إنا نضرب في الأرض فكيف نصلي؟ فأنزل الله تعالى: وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة  ثم انقطع الوحي ، فلما كان بعد ذلك بحول غزا النبي صلى الله عليه وسلم فصلى الظهر ، فقال المشركون: لقد أمكنكم محمد  وأصحابه من ظهورهم هلا شددتم عليهم؟ فقال قائل منهم: إن لهم أخرى مثلها في أثرها ، فأنزل الله تعالى بين الصلاتين: إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا  إلى قوله: عذابا مهينا  فنزلت صلاة الخوف.  [ ص: 524 ] 

 
				
 
						 
						

 
					 
					