915 مسألة : 
ونستحب الحج بالصبي وإن كان صغيرا جدا أو كبيرا  وله حج وأجر ، وهو تطوع ، وللذي يحج به أجر ، ويجتنب ما يجتنب المحرم ، ولا شيء عليه إن واقع من ذلك ما لا يحل له ، ويطاف به ، ويرمى عنه الجمار إن لم يطق ذلك    . ويجزي الطائف به طوافه ذلك عن نفسه . 
وكذلك ينبغي أن يدربوا ويعلموا الشرائع من الصلاة ، والصوم إذا أطاقوا ذلك ويجنبوا الحرام كله ، والله - تعالى - يتفضل بأن يأجرهم ، ولا يكتب عليهم إثما حتى يبلغوا . 
روينا من طريق  مسلم  نا  أبو بكر بن أبي شيبة  نا سفيان  عن إبراهيم بن عقبة  عن كريب مولى ابن عباس  عن  ابن عباس    { أن امرأة رفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيا فقالت : ألهذا حج ؟ قال : نعم ولك أجر   } . 
قال  أبو محمد    : والحج عمل حسن ، وقال الله - تعالى - : { إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا    } . 
فإن قيل : لا نية للصبي ؟ قلنا : نعم ، ولا تلزمه إنما تلزم النية المخاطب المأمور  [ ص: 321 ] المكلف ، والصبي ليس مخاطبا ولا مكلفا ولا مأمورا وإنما أجره تفضل من الله - تعالى - مجرد عليه كما يتفضل على الميت بعد موته ولا نية له ولا عمل بأن يأجره بدعاء ابنه له بعده وبما يعمله غيره عنه من حج ، أو صيام ، أو صدقة ، ولا فرق ، ويفعل الله ما يشاء . 
وإذا الصبي قد رفع عنه القلم فلا جزاء عليه في صيد إن قتله في الحرم  أو في إحرامه ، ولا في حلق رأسه لأذى به ، ولا عن تمتعه ، ولا لإحصاره ; لأنه غير مخاطب بشيء من ذلك ، ولو لزمه هدي للزمه أن يعوض منه الصيام وهو في المتعة ، وحلق الرأس ، وجزاء الصيد ، وهم لا يقولون هذا ولا يفسد حجه بشيء مما ذكرنا ، إنما هو ما عمل ، أو عمل به أجر ، وما لم يعمل فلا إثم عليه . 
وقد كان الصبيان يحضرون الصلاة مع رسول الله عليه السلام ، صحت بذلك آثار كثيرة : كصلاته بأمامة بنت أبي وقاص  ، وحضور  ابن عباس  معه الصلاة ، وسماعه بكاء الصبي في الصلاة وغير ذلك ، ويجزي الطائف به طوافه عن نفسه ; لأنه طائف وحامل ، فهما عملان متغايران لكل واحد منهما حكم ، كما هو طائف وراكب ، ولا فرق . 
916 - مسألة : 
فإن بلغ الصبي في حال إحرامه  لزمه أن يجدد إحراما ويشرع في عمل الحج ، فإن فاتته عرفة  ، أو مزدلفة  ، فقد فاته الحج ولا هدي عليه ولا شيء . 
أما تجديده الإحرام فلأنه قد صار مأمورا بالحج وهو قادر عليه فلزمه أن يبتدئه ; لأن إحرامه الأول كان تطوعا والفرض أولى من التطوع . 


						
						
