1947 - مسألة : فلو قال لموطوءة : أنت طالق أنت طالق أنت طالق    - فإن نوى التكرير لكلمته الأولى وإعلامها فهي واحدة ، وكذلك إن لم ينو بتكراره شيئا - فإن نوى  [ ص: 406 ] بذلك أن كل طلقة غير الأخرى فهي ثلاث إن كررها ثلاثا ، ولا اثنتان إن كررها مرتين بلا شك . 
فلو قال لغير موطوءة منه : أنت طالق أنت طالق أنت طالق  فهي طلقة واحدة فقط ، لأن تكراره للطلاق وقع - وهي في غير عدة منه - إذ لا عدة على غير موطوءة بنص القرآن وهي أجنبية بعد ، وطلاق الأجنبية باطل . 
واختلف الناس في هذا - : فقالت طائفة كما قلنا .  [ ص: 407 ] 
وقالت طائفة : إن كان وصل كلامه ولا يقطع بعضه عن بعض فهي ثلاث لازمة ، وإن كان فرق بين كلامه بسكتة فهي طلقة واحدة فقط . 
وقالت طائفة : إن كان ذلك في مجلس واحد فهي كلها لوازم سواء فرق بين كل طلاق بسكتة أو لم يفرق ، وإن كان ذلك في مجالس شتى لم يلزم من الطلاق إلا ما كان في المجلس الأول فقط . 
فممن روينا عنه مثل قولنا : من طريق  سعيد بن منصور    : نا عتاب بن بشير  عن خصيف  عن زياد بن أبي مريم  عن  ابن مسعود  فيمن طلق امرأته ثلاثا ولم يكن دخل بها ؟ قال : هي ثلاث ، فإن طلقها واحدة ثم ثنى ثم ثلث لم يقع عليها ، لأنها قد بانت بالأولى - وصح هذا عن خلاس  ،  وإبراهيم النخعي  في أحد أقواله ،  وطاوس  ، والشعبي  ، وعكرمة  ، وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام  ،  وحماد بن أبي سليمان    - ورويناه عن  مسروق    . 
ورويناه من طريق الحجاج بن المنهال  نا أبو عوانة  عن  مطرف بن طريف  قال : سألت الحكم بن عتيبة  عمن قال لامرأته : أنت طالق ، أنت طالق ، أنت طالق ؟ يعني لم  [ ص: 408 ] يكن دخل بها ؟ قال : تبين بالتطليقة الأولى والثنتان التي أتبع ليستا بشيء ، فقلت له : عمن تحفظه ؟ قال : عن  علي بن أبي طالب  ،  وعبد الله بن مسعود  ،  وزيد بن ثابت    . 
ورويناه أيضا عن  ابن عباس    - وهو قول  سفيان الثوري  ،  والحسن بن حي  ،  وأبي حنيفة  ،  والشافعي  ،  وأبي ثور  ،  وأبي عبيد  ،  وأحمد بن حنبل  ،  وأبي سليمان  ، وأصحابهم . 
والقول الثاني - رويناه من طريق  سعيد بن منصور  نا  هشيم  نا المغيرة  عن  إبراهيم النخعي  فيمن قال لغير المدخول بها : أنت طالق ، أنت طالق ، أنت طالق - وقالها متصلة : لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره ، فإن قال : أنت طالق ثم قال : أنت طالق ثم سكت ، ثم قال : أنت طالق ، بانت بالأولى ولم تكن الأخريان شيئا - ومثله سواء سواء عن عبد الله بن مغفل المزني    - وهو قول  مالك    - والأوزاعي  ،  والليث    . 
والقول الثالث - رويناه من طريق الحجاج بن المنهال  نا عبد العزيز بن عبد الصمد  قال : قال لي منصور    : حدثت عن  إبراهيم النخعي  أنه كان يقول : إذا قال للتي لم يدخل بها في مجلس واحد : أنت طالق ، أنت طالق ، أنت طالق ، فلا تحل له حتى تنكح زوجا ، غيره - فإن قام من مجلسه ذلك بعد أن طلق طلقة واحدة ثم طلق بعد ذلك ، فليس بشيء . 
وقد جاءت روايات لا بيان فيها - : منها - ما رويناه من طريق  سعيد بن منصور  نا  سفيان بن عيينة  عن عمرو بن دينار  عن  عطاء بن أبي رباح  ،  وجابر بن زيد  ، قالا جميعا : إذا طلقت البكر ثلاثا فهي واحدة . 
ومن طريق  سعيد بن منصور  نا  هشيم  أنا  منصور - هو ابن المعتمر    - أن آخر قول الحسن  فيمن طلق امرأته ثلاثا قبل الدخول بها : أنه إن شاء خطبها . 
ومن طريق  مالك  عن  يحيى بن سعيد الأنصاري  عن النعمان بن أبي عياش  عن  عطاء بن يسار  أنه سئل عمن طلق امرأته قبل أن يمسها ؟ قال : طلاق البكر واحدة . 
قال  أبو محمد    : لم يخصوا مفرقة من مجموعة ، والله أعلم بمرادهم . 
ومنها أيضا ما رويناه من طريق  عبد الرزاق  عن عمر بن راشد  عن  يحيى بن أبي كثير  عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان  قال : طلق رجل من مزينة  امرأته ثلاثا قبل  [ ص: 409 ] الدخول ، فسأل  ابن عباس  وعنده  أبو هريرة  ؟ فقال  أبو هريرة    : واحدة تبينها وثلاث تحرمها ؟ فصوبها  ابن عباس    - وهذا لا يصح ، لأن عمر بن راشد  ضعيف . 
ومن طريق  مالك  عن يحيى بن سعيد  عن بكير بن النعمان بن أبي عياش  أن  عبد الله  قال فيمن طلق امرأته البكر : واحدة تبينها ، وثلاث تحرمها - ونحوه عن أم سلمة  أم المؤمنين ،  وعلي بن أبي طالب    - فلم يبينوا مفرقة أم مجموعة . 
قال  أبو محمد    : أما من فرق بين قوله ذلك في مجلس ، وبين قوله ذلك في مجلسين فدعوى بلا برهان ، وكذلك من فرق بين قوله ذلك متصلا ، وبين تفريقه بين ذلك بالسكوت هو أيضا قول لا دليل على صحته - فهو ساقط - . 
فصح قولنا ، لأنه بتمام قوله لها : أنت طالق بانت وحل لها زوج غيره - ولو مات لم ترثه - ولو ماتت لم يرثها - وليس في عدة منه ، فطلاقه لها لغو ساقط - وبالله تعالى التوفيق 


						
						
