( 4591 ) فصل   : ولا تجب الوصية إلا على من عليه دين ، أو عنده وديعة ، أو عليه واجب يوصي بالخروج منه  ، فإن الله تعالى فرض أداء الأمانات ، وطريقه في هذا الباب الوصية ، فتكون مفروضة عليه ، فأما الوصية بجزء من ماله ، فليست بواجبة على أحد ، في قول الجمهور . وبذلك قال الشعبي  ،  والنخعي  ،  والثوري  ،  ومالك  ،  والشافعي  ، وأصحاب الرأي ، وغيرهم . وقال  ابن عبد البر    : أجمعوا على أن الوصية غير واجبة ، إلا على من عليه حقوق بغير بينة ، وأمانة بغير إشهاد ، إلا طائفة شذت فأوجبتها . روي عن الزهري  أنه قال : جعل الله الوصية حقا مما قل أو كثر وقيل لأبي مجلز    : على كل ميت وصية ؟ قال : إن ترك خيرا . وقال أبو بكر عبد العزيز    : هي واجبة للأقربين الذين لا يرثون . وهو قول  داود    . وحكي ذلك عن  مسروق  ،  وطاوس  ،  وإياس  ،  وقتادة  ،  وابن جرير    . واحتجوا بالآية ، وخبر  ابن عمر  ، وقالوا : نسخت الوصية للوالدين والأقربين الوارثين ، وبقيت فيمن لا يرث من الأقربين . ولنا ، أن أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنهم وصية ، ولم ينقل لذلك نكير ، ولو كانت واجبة لم يخلوا بذلك ، ولنقل عنهم نقلا ظاهرا ، ولأنها عطية لا تجب في الحياة ، فلا تجب بعد الموت كعطية الأجانب . فأما الآية ، فقال  ابن عباس    : نسخها قوله سبحانه {    : للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون    } ( 4 ) وقال  ابن عمر    : نسختها آية الميراث . وبه قال عكرمة  ،  ومجاهد  ،  ومالك  ،  والشافعي    . وذهبت طائفة ممن يرى  [ ص: 56 ] نسخ القرآن بالسنة ، إلى أنها نسخت بقول النبي صلى الله عليه وسلم : { إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ، فلا وصية لوارث   } . وحديث  ابن عمر  محمول على من عليه واجب ، أو عنده وديعة . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					