( 4561 ) مسألة قال : ( وينفق عليه من بيت المال إن لم يوجد معه شيء ينفق عليه ) . وجملته أن اللقيط إذا لم يوجد معه شيء ، لم يلزم الملتقط بالإنفاق عليه ، في قول عامة أهل العلم . قال  ابن المنذر    : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم ، على أن نفقة اللقيط  غير واجبة على الملتقط ، كوجوب نفقة الولد 
وذلك لأن أسباب وجوب النفقة ، من القرابة ، والزوجية ، والملك ، والولاء ، منتفية ، والالتقاط إنما هو تخليص له من الهلاك ، وتبرع بحفظه ، فلا يوجب ذلك النفقة ، كما لو فعله بغير اللقيط . وتجب نفقته في بيت المال ; لقول  عمر  رضي الله عنه في حديث أبي جميلة    : اذهب فهو حر ، ولك ولاؤه ، وعلينا نفقته . وفي رواية : من بيت المال ; ولأن بيت المال وارثه ، وماله مصروف إليه ، فتكون نفقته عليه ، كقرابته ومولاه 
فإن تعذر الإنفاق عليه من بيت المال ، لكونه لا مال فيه ، أو كان في مكان لا إمام فيه ، أو لم يعط شيئا ، فعلى من علم من المسلمين الإنفاق عليه ; لقول الله تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى    } . ولأن في ترك الإنفاق عليه هلاكه ، وحفظه عن ذلك واجب ، كإنقاذه من الغرق . وهذا فرض كفاية ، إذا قام به قوم سقط عن الباقين ، فإن تركه الكل أثموا . ومن أنفق عليه متبرعا ، فلا شيء له ، سواء كان الملتقط أو غيره . وإن لم يتبرع بالإنفاق عليه 
 [ ص: 38 ] فأنفق عليه الملتقط أو غيره محتسبا بالرجوع عليه إذا أيسر ، وكان ذلك بأمر الحاكم ، لزم اللقيط ذلك إذا كانت النفقة قصدا بالمعروف . وبهذا قال  الثوري  ،  والشافعي  ، وأصحاب الرأي . وإن أنفق بغير أمر الحاكم ، محتسبا بالرجوع عليه ، فقال  أحمد    : تؤدى النفقة من بيت المال . وقال  شريح  ،  والنخعي    : يرجع عليه بالنفقة إذا أشهد عليه . وقال  عمر بن عبد العزيز    : يحلف ما أنفق احتسابا ، فإن حلف استسعي 
وقال الشعبي  ،  ومالك  ،  والثوري  ، والأوزاعي  ،  وأبو حنيفة  ،  ومحمد بن الحسن  ،  والشافعي  ،  وابن المنذر    : هو متبرع به . ولنا أنه أدى ما وجب على غيره ، فكان له الرجوع على من كان الوجوب عليه ، كالضامن إذا قضى عن المضمون عنه . وقد ذكرنا حكم هذا الأصل في موضعه . 


						
						
