مسألة : ( وكلما حاذى الركن اليماني والحجر استلمهما ، وكبر وهلل ، ويقول بين الركنين : ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار    ) ويدعو في سائره بما أحب ) . 
في هذا الكلام فصول : 
أحدها : أنه يستلم الركنين اليمانيين  خاصة ، ويكره استلام .. . ، قال أحمد   [ ص: 444 ] في رواية المروذي    - : ولا تستلم من الأركان شيئا إلا ما كان من الركن اليماني ، والحجر الأسود ، فإن زحمك الناس ، ولم يمكنك الاستلام فامض وكبر ؛ وذلك لما روي عن  ابن عمر  قال : ( لم أر النبي - صلى الله عليه وسلم - يمس من الأركان إلا اليمانيين )   . رواه الجماعة إلا  الترمذي    . وفي لفظ في الصحيح : ( لم أر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استلم من البيت   ) وفي لفظ : ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يستلم إلا الحجر والركن اليماني   ) . 
وعن نافع  عن  ابن عمر  قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا يدع أن يستلم الركن اليماني والحجر في كل طوفة ، وكان  عبد الله بن عمر  يفعله   ) . رواه أحمد   وأبو داود   والنسائي    . وفي لفظ لأحمد    : ( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستلم هذين الركنين اليمانيين كلما مر عليهما ولا يستلم الآخرين   ) . 
وعنه - أيضا - قال : ( ما تركت استلام هذين الركنين اليماني والحجر منذ   [ ص: 445 ] رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستلمهما - في شدة ولا رخاء   ) . متفق عليه . 
وعن  ابن عباس  قال : ( لم أر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستلم غير الركنين اليمانيين   ) . رواه أحمد   ومسلم    . 
وعن  عبيد بن عمير    : ( أن  ابن عمر  كان يزاحم على الركنين ، فقلت : يا أبا عبد الرحمن  ، إنك تزاحم على الركنين زحاما ما رأيت أحدا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يزاحم عليه ، قال : إن أفعل فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن مسحهما كفارة للخطايا ، وسمعته يقول : من طاف بهذا البيت أسبوعا فأحصاه : كان كعتق رقبة ، وسمعته يقول : لا يضع قدما ولا يرفع أخرى إلا حط الله عنه بها خطيئة ، وكتب له بها حسنة   ) . رواه  الترمذي  وقال : حديث حسن . 
وعن  ابن عمر  أنه قيل له : ( ما أراك تستلم إلا هذين الركنين ، قال : إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن مسحهما يحط الخطيئة   ) . رواه أحمد  والنسائي لفظه . 
 [ ص: 446 ] وذلك لأن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم  ، فالركنان اللذان يليان الحجر ليسا بركنين في الحقيقة ، وإنما هما بمنزلة سائر الجدار ، والاستلام إنما يكون للأركان ، وإلا لاستلم جميع جدار البيت في الطواف . 
وأما تقبيل الركن اليماني    : ففيه ثلاثة أوجه ؛ أحدها : وهو المنصوص عن أحمد    - : أنه لا يقبله ؛ قال عبد الله    : قلت لأبي ما يقبل ؟ قال : يقبل الحجر الأسود  ، قلت لأبي فالركن اليماني ؟ ، قال : لا ، إنما يستلم ولا يقبل إلا الحجر الأسود وحده . 
وكذلك قال - في رواية  الأثرم    - : لا يقبل اليماني ، وقال - في رواية المروذي    - : وهذا قول أكثر أصحابنا ؛ مثل القاضي وأصحابه مثل الشريف أبي جعفر  ، وأبي المواهب العكبري  ، وابن عقيل  ، وأبي الخطاب  في خلافه وغيرهم . 
وقال الخرقي  وابن أبي موسى    : يستلمه ويقبله كالحجر ، قال ابن أبي موسى    : يستلمه بفيه إن أمكنه ، وإن لم يمكنه فبيده ويقبلها ، قال : ولا يقبل إلا   [ ص: 447 ] الركنين اليمانيين لما روي عن  ابن عباس  قال : ( كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبل الركن اليماني ، ويضع خده عليه   ) . رواه  الدارقطني  ، ورواه الأزرقي  عن  مجاهد  مرسلا ، ومداره على عبد الله بن هرمز  عن  مجاهد    . 
وقال أبو الخطاب    : يستلمه ويقبل يده لما روي عن عمر بن قيس  ، عن  عطاء  ، عن  جابر بن عبد الله    : ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : استلم الحجر فقبله ، واستلم الركن اليماني فقبل يده   ) . رواه أبو بكر   الشافعي  في الغيلانيات . 
والأول : أصح ؛ لأن الذين وصفوا حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمره : ذكروا أنه   [ ص: 448 ] كان يستلم الحجر ويقبله ، وأنه كان يستلم الركن اليماني ولم يذكروا تقبيلا ، ولو قبله لنقلوه ، كما نقلوه في الركن الأسود ، لا سيما مع قوة اعتنائهم بضبط ذلك ، وهذا  ابن عمر  أتبع الناس لما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجته لم يذكر إلا الاستلام 

 
				
 
						 
						

 
					 
					